شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يقع من الطلاق وما لا يقع

صفحة 322 - الجزء 3

  ويدل على ذلك الظواهر الواردة في الطلاق، نحو قوله تعالى: {اِ۬لطَّلَٰقُ مَرَّتَٰنِۖ}⁣[البقرة: ٢٢٩] وقوله: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعْدُ حَتَّيٰ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُۥۖ}⁣[البقرة: ٢٣٠] وقوله: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٧] وكل ذلك عام في السكران والصاحي.

  ويدل على ذلك: قول النبي ÷: «لا قيلولة في الطلاق» وهو عام في طلاق السكران وغيره.

  ويدل على ذلك: ما روي أن عمر استشار الصحابة في حد الخمر فقال علي #: (إنه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وإذا افترى وجب عليه الحد بما افترى) ولم يرو أن أحداً منهم أنكر ذلك، فدل ذلك على أن السكران إذا قذف لزمه الحد، وإذا ثبت ذلك وجب أن يقع طلاقه؛ دليله الصاحي لما كان مؤاخذاً بقذفه وقع طلاقه. ويشهد لقياسنا المغمى عليه والمجنون والصبي، فإنهم لما لم يؤاخذوا بقذفهم لم يقع طلاقهم.

  ويوضح قياسنا: أن الحد تسقطه الشبهة، ولا تسقط الطلاق، وإذا كان السكران مؤاخذاً بما يسقط بالشبهة ولم يكن سكره موجباً للشبهة وجب أن يؤاخذ بالطلاق، ولم يجب أن يصير سكره شبهة في أنه لم يقصد الطلاق.

  فإن قاسوه على المجنون والمغمى عليه بعلة زوال العقل فقد بينا أنه يشهد لقياسنا. على أنا قد علمنا أن المجنون والمغمى عليه لا يتعلق الحكم بشيء من أقوالهم، فكان لفظهم بالطلاق كسائر أقوالهم، وقد بينا أن قذف السكران يتعلق به حكم، فلم يجب أن يكون سبيله سبيل المجنون والمغمى عليه.

  يؤكد ما ذهبنا إليه: قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اُ۬لشَّيْطَٰنُ أَنْ يُّوقِعَ بَيْنَكُمُ اُ۬لْعَدَٰوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِے اِ۬لْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ}⁣[المائدة: ٩١] فجعل تعالى للعداوة⁣(⁣١) الواقعة عن


(١) في (أ، ج): العداوة.