كتاب الظهار
  قيل له: الظاهر يقتضي ذلك؛ لأن قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ}[المجادلة: ٣] مثل قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَي اَ۬لصَّلَوٰةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ}[المائدة: ٦] وقوله تعالى: {إِذَا نَٰجَيْتُمُ اُ۬لرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَےْ نَجْوَيٰكُمْ صَدَقَةٗۖ}[المجادلة: ١٢] فكما أن الطهارة لزمت من أراد الصلاة قبل الصلاة، والصدقة قد لزمت من أراد المناجاة للرسول ÷ قبل المناجاة - فكذلك كفارة الظهار تلزم من أراد الوطء قبل الوطء؛ لأن تقدير الآية: من أراد المماسة فليكفر قبل المماسة، كتقدير آية الطهارة وآية الصدقة.
  وأما ما حكي عن مجاهد فالظاهر يقتضي خلافه؛ لأن الله تعالى فصل بين الظهار وبين العود بـ «ثم»، فالظاهر أنهما أمران منفصلان يتراخى الثاني عن الأول، وهو يجعلهما أمراً واحداً.
  وما حكي عن مالك أيضاً يقتضي الظاهر خلافه؛ لأن الله تعالى أوجب الكفارة بعد العود وقبل المسيس بظاهر قوله: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ}، فما يجب أن تكون الكفارة بعده لا يجوز أن يكون هو الذي يجب تأخره عن الكفارة.
  على أنه لا خلاف بيننا وبين الشافعي أنه لو ظاهر ثم طلق لم تلزمه الكفارة، فكذلك إذا لم يطلق، والمعنى أنه مظاهر لم يرد مماسة زوجته.
  وكذلك ما حكي عن داود فظاهر الفساد؛ لأنه لم يحك عن أحد من السلف، ولأن قوله: {يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ} ينطلق على من ظاهر مرة أو ظاهر مراراً، فإذا ثبت ذلك ثبت أن الكفارة وجبت لأمر سوى الظهار؛ لأنه تبارك وتعالى قال: {وَالذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ}[المجادلة: ٣]، فأثبت عوداً غير الظهار به يتعلق وجوب الكفارة.
  على أن ما روي من حديث أوس بن الصامت وسلمة بن صخر أن النبي