باب القول في الظهار
  واحدة منهن ظهاراً مفرداً، فأما إن كان ظاهر منهن(١) بكلمة واحدة فذكر ابن أبي هريرة عنه قولين: أحدهما: أن كفارة واحدة تجزئ، والآخر: أن عليه لكل واحدة منهن كفارة.
  والأصل فيما ذهبنا إليه: أن الظهار يوجب تحريم الوطء، فإذا ظاهر منهن فقد حرم وطء كل واحدة منهن، وذلك التحريم لا يرتفع إلا بالكفارة، فوجب ألا يحل له وطء واحدة منهن حتى يكفر لها كفارة توجب رفع التحريم، ألا ترى أنه إذا طلق عدة من نسائه لم يرتفع التحريم الواقع إلا بأن يراجع كل واحدة منهن؟ فكذلك التحريم الواقع بالظهار؛ لأن لكل واحدة منهن تحريماً لا يعم كالتحريم الذي يحصل بإحرام الرجل وصيامه. على أن الأصول تشهد لذلك؛ لأن كل امرأة حرم وطؤها لأمر يخصها لا يرتفع ذلك التحريم إلا بأمر يختصها.
  على أن الشافعي لا يخالف فيمن ظاهر من كل واحدة منهن ظهاراً منفرداً أن عليه لكل واحدة منهن كفارة منفردة، فكذلك إذا ظاهر منهن بكلمة واحدة، والمعنى أنه مظاهر منهن.
  وقلنا: إنه إن لم يطق العتق عن كلهن أعتق عن بعضهن وصام عن بعضهن، وكذلك الإطعام - لأن الله تعالى أوجب التكفير بالعتق، وأجاز العدول عنه لمن لم يجد إلى الصيام سبيلاً(٢)، وأجاز العدول عن الصيام لمن لم يستطع إلى الإطعام سبيلاً(٣)، وإذا أعتق عن واحدة ولم يجد رقبة أخرى جاز له العدول إلى الصيام كما لو لم يجد الرقبة الأولى كان له العدول إلى الصيام، وكذلك إذا صام عن واحدة ثم لم يستطع جاز له العدول إلى الإطعام.
(١) في (أ): من كل منهن.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) كذا في المخطوطات.