باب القول في الإيلاء
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)، ولا خلاف في ذلك بين الذين قالوا بالوقف.
  والأصل فيما قلناه من أنه لا يوقف قبل مضي أربعة أشهر قول الله تعالى: {لِّلذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٖۖ}[البقرة: ٢٢٦] فلو وقفناه قبل مضي هذه المدة كنا قد حرمناه ما جعلت الآية له من تربص أربعة أشهر.
  ووجه ما ذكرناه من أنه إذا لم يرفع إلى الإمام بعد مضي أربعة أشهر وقفه متى رفع إليه: أنه حق يثبت للمرأة بعد انقضاء هذه المدة، فلها المطالبة به متى شاءت كسائر حقوقها، وسبيل ما ذكرناه أن يكون للرجل حق على آخر مؤجل إلى شهر، ألا ترى أنه لا يجوز لصاحب الحق المطالبة له قبل مضي الشهر، وله المطالبة بعد مضي مدة الأجل أي وقت شاء، وأنه متى رفع إلى الإمام طالبه به؟ وروى أبو العباس الحسني | في النصوص بإسناده عن علي $ أنه وقف رجلاً آلى من امرأته بعد سنة(٢).
مسألة: [في أن الفيء يكون بالجماع إلا لعذر فيفيء بلسانه]
  قال: والفيء هو: أن يجامع، أو يقول بلسانه: «قد فئت ورجعت عن يميني» إن لم يستطع الجماع لمرض أو سفر.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٣)، ومروي عن القاسم #، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وذلك لقول الله تعالى: {فَإِن فَآءُو فَإِنَّ اَ۬للَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞۖ ٢٢٤}[البقرة] والفيء(٤) هو الرجوع، فإذا رجع عن يمينه بالقول دخل في العموم.
(١) الأحكام (١/ ٣٨٧).
(٢) وأخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٤٨).
(٣) الأحكام (١/ ٣٨٨).
(٤) في (د): فالفيء.
(*) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٥/ ١٥٦): لأن الفيء هو الرجوع إلى الشيء، وهو قد كان ممتنعاً من وطئها بالقول، وهو اليمين، فإذا قال: قد فئت إليها فقد رجع عن ذلك القول إلى ضده، فتناوله العموم.