شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللعان

صفحة 434 - الجزء 3

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ...} الآية [النور: ٤]، ولا خلاف بين المسلمين أن حكم الذكور والإناث من أولي الإحصان إذا قُذِفوا سواء، فوجب أن يلزم الزوج الحد لقذفه الرجل الذي قذف زوجته به لاعنها أو لم يلاعنها.

  فإن قيل فقد قال الله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ ...} الآية [النور: ٦] ولم يخص من رماها مطلقاً أو رماها برجل بعينه.

  قيل له: هذه الآية أفادت الحكم بينه وبين زوجته دون ما بينه وبين الأجانب، فلم يكن فيها دلالة على موضع الخلاف.

  فإن قيل: هلال بن أمية حين قذف زوجته بشريك بن سحماء لم يرو أنه حد له، ولا أن شريكاً أقر بالزنا، ولا حصل عفو، فدل ذلك على أن حده ساقط باللعان⁣(⁣١).

  قيل له: حد القذف لا يجب حتى يطالب المقذوف به، فيجوز أن يكون ترك حده لأن شريكاً لم يطالب به، فيكون هذا وجهاً غير الوجه الذي ذكرتم.

  ويدل على ذلك أنه لا خلاف في أنه لو قذفه مطلقاً أو قذفه بغير زوجته لم يسقط حده باللعان، فكذلك إذا قذفه بزوجته، والعلة أنه قذف من⁣(⁣٢) ليس بزوجة، أو يقال: لأنه قذف لمن لا لعان بينه وبينه. يوضح⁣(⁣٣) ما ذهبنا إليه أن اللعان أوجب سقوط الحد عن الزوج لأنه قام مقام البينة على صحة ما ادعاه، وقد علمنا أن لعانه لا يقوم مقام البينة على صحة ما ادعاه من قذف الأجنبي، فلم يجب أن يسقط حده بلعانه، ألا ترى أنه لو أقام البينة في الأجنبي وجب أن يحد متى لم يأت بما يدرأ عنه الحد، كما أنه لو أقام البينة في الزوجة وجب أن تحد


(١) في (أ، ج): سقط تابعاً اللعان.

(٢) في (ج): لمن.

(٣) في (أ): فوضح.