شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللعان

صفحة 436 - الجزء 3

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن النسب يثبت، ويجب المال تبعاً؟

  قيل له: إثبات النسب إنما هو إثبات أحكام، فإذا مات ابن الملاعنة لم يتعلق بنسبه حكم إلا الإرث، فإذا لم يثبت غيره لم يصح أن يقال: هو تبع، وإذا لم يصح أن يكون تبعاً لغيره وكان استحقاقه لا يثبت بدعوى من يدعيه كما لا يثبت في سائر المواضع صح ما ذهبنا إليه، وبطل القول بأنه يرث. يكشف ذلك أن اللقيط لو ادعاه مدع صدق، ولو ادعاه بعد موته لم يكن لدعواه حكم، وكذلك من باع غلاماً ولد عن حمل كان في ملكه ثم ادعاه وهو حي انفسخ البيع وثبت نسبه، وإن ادعاه بعد الموت لم يكن لدعواه حكم ولم ينفسخ البيع، فكل ذلك يكشف أن دعواه الميت متى تجددت كانت باطلة، فوجب أن يبطل مالا يثبت إلا على وجه التبع لها.

  فإن قيل: فكيف تقولون: إنه لو كان له ولد ثبت نسبه؟

  قيل له: لأن ولده إذا كان حياً صح⁣(⁣١) نسبه وتعلق الحكم عليه.

  فإن قيل: أليس البائع للغلام الذي ذكرتم لو لم يدعه حتى يكبر ويولد له ثم يموت أنه إذا ادعى بعد ذلك ولده لا يثبت نسبه؟ فما أنكرتم أن يكون ذلك سبيل ولد ابن الملاعنة؟

  قيل له: الفرق بينهما أن تثبيت نسب ولد الغلام لا يكون بدعوى مبتدأة، فإذا مات أبوه لم⁣(⁣٢) يصح تثبيت نسبه بدعوى مبتدأة؛ لأنها⁣(⁣٣) لا تثبت إلا بعد تثبيت نسب أبيه بدعوى مبتدأة، وذلك لا سبيل إليه، وليس كذلك حال ولد ابن الملاعنة؛ لأن نسب أبيه كان ثابتاً بالفراش، وإنما انتفى باللعان، فإذا أكذب الملاعن نفسه لم يحتج لتثبيت نسبه إلى أمر مبتدأ، فصح أن يثبت بالفراش المتقدم ثم يثبت نسب ابنه.


(١) في (أ): ثبت. وفي (ج): صح تثبيت نسبه.

(٢) في (أ): لا.

(٣) كذا في المخطوطات.