باب القول في نفقة الموسر على قريبه المعسر
  مال ابنه، فلما أجمعوا على أنه ممنوع من ذلك فيما زاد على قدر الحاجة عند الإعسار بقي ذلك على مقتضى الظاهر، مسلماً كان الأب أو كافراً. وإذا ثبت ذلك في الأب ثبت في الأم؛ لاشتراكهما في الولادة، ولأن أحداً لم يفصل بينهما في هذا الباب.
  وأما سائر الأقرباء فقلنا: إنهم لا نفقة لهم على المسلم إلا إذا كانوا مسلمين لأنه لا خلاف فيه، ولأن الحقوق التي بينهم منقطعة.
مسألة: [في بيان النفقة التي يحكم بها للمنفق عليه]
  قال: والنفقة التي يحكم بها هي: الإطعام، والكسوة، والسكنى، والخادم إن كان المنفق عليه لا يطيق خدمة نفسه لمرض أو صغر أو كبر.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  ووجهه: قول الله تعالى: {لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٞ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۖ وَعَلَي اَ۬لْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَۖ}[البقرة: ٢٣٣] فدل على وجوب ما ذكرنا، ولأن إيجاب بعض ما قلناه ليس بأولى من إيجاب البعض؛ إذ الجميع قوام المرء وقوته الذي لا يستغني عنه.
مسألة: [فيمن تلزمه نفقة القريب المعسر]
  قال: ويحكم على الموسر بنفقة قريبه المعسر إذا كان وارثاً له على قدر ميراثه(٢) منه، فإن لم يكن وارثاً فلا نفقة له عليه.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٣).
  وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب أبو حنيفة إلى أن النفقة تجب على كل ذي رحم محرم إذا كان من أهل الميراث، والشافعي قصره على الولادة فقط، وحكي عن الأوزاعي أنها على العصبة دون النساء، وحكي عن ابن أبي ليلى
(١) الأحكام (١/ ٤٣٧).
(٢) في (أ، د): مورثه.
(٣) الأحكام (١/ ٤٣٦) والمنتخب (٥٧١).