شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نفقة الرضيع

صفحة 467 - الجزء 3

باب القول في نفقة الرضيع

  إذا ولد المولود وجب على أمه أن ترضعه اللبأ، وذلك يكون مقدار يوم إلى ثلاثة أيام، ويجب بعد ذلك على الأب أن يستأجر من يرضعه، والأم أولى أن تستأجر لإرضاعه إن طلبته، يحكم لها بذلك على الأب بعد فراقه لها حتى يفصل الولد، ويكون ذلك إذا أتى عليه حولان.

  وجميعه منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١).

  ووجه ما قلناه من أن على الأم أن ترضع ولدها البأ ما استقر في العادة أن غير اللبأ من الألبان لا يقوم مقام اللبأ في التغذية والتقوية، وفي قطعه عن الولد إضرار به، وقد قال الله تعالى: {لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا}⁣[البقرة: ٢٣٣].

  ووجه تقديره باليوم الواحد إلى ثلاثة أيام: أن الصبي يستغني عنه في غالب العادة إذا أرضع هذه المدة.

  وقلنا: إن على الأب أن يستأجر من يرضعه لأنه لا خلاف في ذلك، ولأن الإرضاع ليس هو من موجب النكاح، وقد دل على ذلك قول الله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ... إلى قوله: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُۥ أُخْرَيٰۖ ٦}⁣[الطلاق].

  وقلنا: إن الأم أولى أن تستأجر إن طلبته لأنها أحنى على الولد⁣(⁣٢)، وأدنى إلى دفع المضار عنه؛ لأن الولد قد يعاف لبن غير أمه، وقد نهى الله تعالى الوالد عن المضارة بالولد كما نهى الوالدة بقوله: {وَلَا مَوْلُودٞ لَّهُۥ بِوَلَدِهِۦۖ} ولقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فأمر بإيتائهن الأجور متى اخترن الرضاع، وروي عنه ÷: «لا توله والدة عن ولدها»⁣(⁣٣)، ولأنه منهي⁣(⁣٤)


(١) المنتخب (٣٧٩، ٣٨٠).

(٢) في (أ): لأنها على الولد أحنى.

(٣) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٨).

(٤) في (ج، د): نهي.