شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 70 - الجزء 4

  أرقم خادماً بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته بستمائة درهم؛ فقالت: «بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهاده مع رسول الله ÷ إن لم يتب».

  فدل هذا الخبر من وجهين على أنها قالت ما قالته بنص عن رسول الله ÷:

  أحدهما: أن الوعيد لا يلزم الصحابي⁣(⁣١) إذا خالف الصحابي فيما طريقه الاجتهاد ولم يكن طريقه النص⁣(⁣٢)، فلما ألزمته الوعيد دل ذلك على أن زيداً خالف النص.

  والثاني: أن مقادير أجزاء الثواب والعقاب لا يمكن العلم بها إلا من طريق النص، وقولها: إن الله ø قد أبطل جهاده يدل على أن أجزاء العقاب على الفعل كانت أكثر من أجزاء ثوابه، وهذا لا بد من أن يكون طريقه النص.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الوعيد منصرفاً إلى البيع إلى العطاء⁣(⁣٣)؟

  قيل له: ظاهر كلامها أن الوعيد منصرف إلى الأمرين؛ لأنها قالت: بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت.

  على أن البيع إلى العطاء مما اختلف فيه الصحابة، وظاهر كلام عائشة يدل على أنها أجازته؛ لأنه لو لم يجز لكان البيع الثاني فسخاً له.

  فإن قيل: فما السبب الذي من أجله أنكرت البيع الأول؟

  قيل له: يحتمل أن تكون علمت أن البيع الأول أوقعاه ليتوصلا به إلى البيع الثاني المحظور.

  ومن أصحابنا من قال: أنكرت البيع الأول لأنه انطوى على الزيادة، وهذا عند يحيى بن الحسين جنس من الربا على ما مضى القول فيه.


(١) «الصحابي» ساقط من (ب).

(٢) في (أ، ج، د، هـ): ولم يكن مخالفة للنص. وفي (د): ولم يكن طريقه النص. نسخة.

(٣) لأنه أجل غير معلوم.