شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شروط البيع

صفحة 139 - الجزء 4

باب القول في شروط البيع

  الشروط التي ينعقد عليها البيع ثلاثة: فشرط يفسد البيع، وشرط يثبت مع البيع، وشرط يثبت البيع دونه، وهذه قسمة لا يخرج عنها شيء من الشروط، ولا خلاف في هذه الجملة، وإنما الخلاف في تفاصيلها، ونحن نبين ما نذهب إليه في كل واحد من هذه الوجوه.

مسألة: [في بيان الشرط المفسد للبيع]

  فالشرط الذي يفسد به البيع هو ما اقتضى جهالة في المبيع، نحو أن يبيع الرجل غنماً أو ثياباً أو غير ذلك واستثنى واحداً لا بعينه⁣(⁣١).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ إذ لا خلاف أن الجهالة في البيع تفسده.

  والجهالة فيه على ثلاثة أوجه: إما أن تكون جهالة في العقد، أو جهالة في الثمن، وإما أن تكون جهالة في المبيع.

  ولا خلاف أن كل واحد من هذه الجهالات يفسد البيع؛ لأنه من الغرر، وقد نهى النبي ÷ عن بيع الغرر، وإذا باع غنماً أو ثياباً واستثنى واحداً لا بعينه صار المبيع مجهولاً؛ لأنه لا يدري واحد منهما ما الذي تناوله العقد، فلا يتميز الذي تناوله العقد من الذي لا يتناوله.

  وليس هذا مثل ما قلناه فيمن باع عدلاً على أن فيه مائة ثوب فوجدها مائة ثوب وثوباً، فيكون المردود واحداً وسطاً؛ لأن كون المردود وسطاً يزيل التفاوت، فيشبه المكيل والموزون، وهاهنا يستثنى ما يختاره البائع، فيبقى التفاوت الموجب للجهالة.

  على أنا كنا ذكرنا هناك وجهاً آخر، وهو أنا قلنا: إنه يحمل على أنه باع مائة جزء وجزء، وهذا لا يتأتى في هذه المسألة؛ لأنه اشترط أن يستثني ما يختاره.


(١) المنتخب (٣٣٢).