كتاب الطهارة
  عمرو بن هشام، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كنت ردف رسول الله ÷ على حمار يقال له: يعفور، فأصاب ثوبي من عرقه، فأمرني النبي ÷ بغسله. فإذا ثبت نجاسة عرقه ثبت نجاسة سؤره.
  قيل لهم: ليس يمتنع أن يكون النبي ÷ كان علم أن ذلك الحمار أصابه من الروث أو البول أو غيرهما ما أوجب تنجيسه، فلما أصاب ابن عباس من عرقه مع ما علم من حاله أمره بغسله، وهذا فعل لا يمكن ادعاء العموم فيه، وخبرنا جواب عن السؤال، فهو أولى، على أن المعهود من لدن الصحابة إلى يوم الناس هذا أن المسلمين يركبون الخيل والبغال والحمير ولا يتوقون من أعراقها، فصار تطهير أعراقها إجماعاً منهم، وهذا من أوكد ما يستدل به في هذا الباب.
  فإن قيل: روى قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي ÷ قال: «طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة - أو مرتين -»(١) شك قرة بن خالد. ففي هذا تنجيس سؤره.
  قيل له: هذا الحديث قد روي عن محمد بن سيرين موقوفاً على أبي هريرة:
  أخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: «سؤر الهر يهراق، ويغسل الإناء مرة أو مرتين»(٢).
  وأخبرنا أبو بكر، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: حدثنا إبراهيم بن عبدالله الهروي، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، أنه كان إذا حدث عن أبي هريرة فقيل له: عن النبي؟ قال: كل حديث أبي هريرة عن النبي ÷(٣).
(١) شرح معاني الآثار (١/ ١٩).
(٢) شرح معاني الآثار (١/ ٢٠).
(٣) شرح معاني الآثار (١/ ٢٠).