باب القول في الرد بالعيب
  وقوله: أو يأخذ من البائع نقصان العيب فإنه أراد على المصالحة، وكان غرضه أن يبين أن هذا الصلح جائز متى تراضيا عليه؛ إذ من الصلح ما لا يجوز وإن تراضيا به.
  يبين هذا قوله في آخر هذه المسألة(١) في الأحكام(٢): فإن أبى البائع ذلك حكم عليه برد الثمن واسترجاع المبيع(٣)، وقد غلط في هذا بعض أصحابنا، فظنوا أن للمشتري أن يجبر البائع على رد نقصان المعيب، وهذا فاسد؛ لما بيناه من قوله في آخر المسائل: إن البائع إن أبى ذلك حكم عليه برد الثمن واسترجاع المبيع(٤)، فبان أن قوله: يأخذ نقصان العيب المراد إن تراضيا به وتصالحا عليه.
  على أن أخذ النقصان إنما يكون على وجهين: أحدهما: الحط من الثمن من أجل العيب إن كان المأخوذ من جنس الثمن، وكان الثمن نقداً.
  أو على وجه إلحاق الزيادة في المبيع بأصل العقد إن كان المأخوذ من غير جنس الثمن.
  وكل واحد من الوجهين لا يصح إلا مع رضا البائع، فبان أنه لا يجوز أن يحكم عليه بذلك، وأنه إن أبى ذلك فلا يحكم عليه إلا برد الثمن واسترجاع المبيع، على أن هذه الجملة - أعني أنه لا يحكم إلا بما قلنا، وأن ذلك جائز على طريق الصلح - لا أحفظ فيه(٥) خلافاً بين العلماء.
  فإن قيل: ألستم تقولون فيمن اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها عيباً: إنه
(١) في (أ، ج): المسائل.
(٢) الأحكام (٢/ ٢٢) ولفظه: فإن أبى البائع أن يضع من ثمنها شيئاً حكم عليه بأخذها ورد ما أخذ من الثمن حكماً.
(٣) في (أ، ج): برد المبيع واسترجاع البائع الثمن. وفي (ب): برد المبيع واسترجاع الثمن. وفيها: برد الثمن. نسخة.
(٤) في (أ، ب، ج، هـ): برد المبيع واسترجاع الثمن.
(٥) كذا في المخطوطات.