شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الصرف

صفحة 186 - الجزء 4

  وهذا مما لا خلاف فيه.

  ووجهه: ما قدمناه من أن الصرف لا يجوز إلا يداً بيد، وأن النسأ لا يجوز فيه، وكشفناه من جهة الآثار والإجماع.

  قال: ولا يجوز للمتصارفين أن يفترقا⁣(⁣١) إلا بعد أن يقبض كل واحد منهما من صاحبه ما وجب له عليه بصرفه⁣(⁣٢).

  وهذا مما لا خلاف فيه.

  والأصل فيه: ما روي عن رسول الله ÷ أن ابن عمر سأله فقال: (يا رسول الله، إني أبيع الإبل بالذهب فآخذ الدراهم، وبالدراهم فآخذ الدنانير، فقال: لا بأس إذا لم تفترقا وبينكما شيء).

  وروي عن ابن عمر قال: كنت أبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب، فقال لي رسول الله ÷: «إذا بايعت رجلاً فلا تفارقه وبينك وبينه شيء»⁣(⁣٣).

  وروي: «لا تُشِفُّوا⁣(⁣٤) بعضه على بعض، ولا تبيعوا غائباً منه بناجز»⁣(⁣٥)، والأخبار في هذا كثيرة متظاهرة.

  وقال في الأحكام⁣(⁣٦) فيمن اشترى ديناراً بدراهم فلم يكن عنده تمام الدراهم فاستقرض تمامها فأوفاه جميع حقه قبل أن يفترقا فالصرف تام صحيح.

  فدل ذلك على أن تمام الصرف لو لم يحصل عند العقد جاز إذا حضر ووفى قبل التفرق، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.


(١) في (د): يتفرقا.

(٢) الأحكام والمنتخب (٣٥٢).

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٤٩٩) بلفظ: «إذا بايعت صاحبك فلا تفارقه وبينك وبينه لبس».

(٤) أي: لا تفضلوا.

(٥) أخرجه البخاري (٣/ ٧٤) ومسلم (٣/ ١٢٠٩).

(٦) الأحكام (٢/ ٤٦).