باب الصرف
  وكذلك القول فيمن أراد أن يصرف فضة بفضة(١).
  والوجه في هذا قول الله تعالى: {لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَٰرَةٌ عَن تَرَاضٖ مِّنكُمْۖ}[النساء: ٢٩]، ولم تجر بينهما تجارة عن تراض، فيجب أن يكون ما بينهما باطلاً؛ لأنه من المعلوم أن من قال: «بعتك مائة دينار بنصف دانق من فضة» أنه لا يرضى بذلك، وإنما قصد به للربا الداخل في ذلك الفضة على طريق الاستحلال، فإذا بطل ذلك صح أن ذلك ربا؛ لأنه في الحقيقة [باع](٢) مائة بمائة وعشرة.
  وأيضاً روى محمد بن منصور بإسناده يرفعه إلى محمد بن سيرين عن ابن(٣) عباس قال: إياك أن(٤) تشتري دراهم بدراهم بينهما جريرة. قال محمد: يعني الذي يستحل بها(٥).
  ولم يرو خلافه عن غيره من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع منهم.
  على أنه يحتمل أن يكون مراده # الكراهة دون إبطال البيع، ووجه الكراهة: أنه يوهم الربا كما في غيره من المسائل، منها: بيع المكيل بالثمن(٦) ثم شراء مكيل(٧) من جنسه أكثر منه بذلك الثمن قبل القبض للثمن، ونحو ذلك. ويحتمل أن يقال: إن المراد إذا كان فضة يسيرة دون مقدار الشعيرة حتى يكون مما لا يقصد بالبيع والشراء، ولا يمكن تقويمه ولا تقويم شيء به. وإذا كان المراد أحد الوجهين الآخرين فيقال: إن ذلك تجارة عن تراض؛ لأن الرضا
(١) الأحكام (٢/ ٤٦) والمنتخب (٣٥٤، ٣٥٥).
(٢) ما بين المعقوفين مظنن به في (هـ).
(٣) في (أ، د): محمد بن سيرين وابن عباس.
(٤) في (ب): لا بأس أن تشتري.
(٥) أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٧٥، ١٧٦) وفيها: يعني التي يستحل بها.
(٦) في شرح القاضي زيد نقلاً عن شرح التجريد: بيع مكيل بثمن.
(٧) في (ب، د): ثم يشتري بثمنه مكيلاً. وفي (هـ): ثم يشتري مكيلاً.