باب الصرف
مسألة: [فيمن اشترى دراهم بدنانير فأعطي دراهم مكحلة]
  قال: ولو أن رجلاً اشترى من رجل دراهم بدنانير فأعطاه فيها مكحلة انتقض من الصرف بمقدار ما في الدراهم من الكحل إلا أن يبدله بدراهم جيدة قبل التفرق، فإن نقص المشتري عن الدراهم المكحلة كحلها لم يجب لصاحب الدراهم عليه شيء للكحل الذي نقص عنها، إلا أن يكون له قيمة فإنها تلزم المشتري(١).
  وذلك أن المكحل هو فضة مع كحل متميز عنه، فجرى مجرى أن يشتري خاتماً على أنه فضة بذهب فيجد في حشوه قيراً في أن الصرف ينتقض بمقدار القير؛ لأنه لم يعطه ما استحق بصرفه.
  فإن قيل: ألستم تجوزون بيع الدراهم الرديئة بالجيدة، والرديء إنما يكون رديئاً بما يخالط النُّقْرَة(٢) من الغش؟
  قيل له: ما يخالطها ليس سبيله سبيل ما يتميز عنه ويجري مجرى الحشو له؛ فلهذا فصلنا بينهما.
  وقلنا: ما ينقصه من الكحل إن كان لا قيمة له لم يضمنه، وإن كان له قيمة ضمنه للبائع؛ لأن التضمين في الأموال إنما يصح على التقويم، وما لا يصح تقويمه لا يصح تضمينه [وذلك مثل إنسان يكسر لآخر رأس قلم، أو يتناول من دواته مدة في أنه لا يصح تضمينه](٣) لأن ذلك مما لا يصح تقويمه. فأما إذا كان للكحل قيمة فيجب أن يضمنه؛ ولهذا قال يحيى بن الحسين # فيمن اشترى بيضاً فكسره فوجده عفناً لا قيمة له بأنه يرجع بجميع الثمن على البائع.
(١) الأحكام (٢/ ٤٨) والمنتخب (٣٥٥).
(٢) النقرة: القطعة المذابة من الذهب والفضة. (قاموس).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج، هـ).