باب القول فيمن تجب له الشفعة وكيفية وجوبها
  وكل هذه الأخبار عامة في جميع(١) ما ذهبنا إليه.
  وفيه أن موضوع الشفعة لدفع الأذى لضرر المشاركة والمجاورة، ولا يختلف فيه العلماء، وقد علمنا أن ما لا تتأتى فيه القسمة يكون الأذى بالمشاركة فيه أشد؛ لأنه لا يزول كما يزول فيما تتأتى فيه القسمة إذا قسم.
  فإن قيل: المقصد منها دفع الأذى فيما يدوم، وهذا غير موجود في العروض والحيوان.
  قيل له: ولا(٢) يتحصل الدوام في شيء من الأشياء، وإنما تطول المشاركة في بعض الأشياء. على أن العروض والحيوان قد يجوز أن يبقى مدة طويلة، وربما يتهدم العقار قبل تلف الحيوان والعروض، فلا معنى لما ذكروا.
  على أن ذلك لو صح لكان لنا أن نقول: إن ذكر الدوام لا معنى له؛ لأن الغرض هو دفع الأذى.
  ويمكن أن يقاس على ما أجمع عليه بحصول الشركة.
  وما يتعلقون به من قوله ÷: «الشفعة في كل شرك في أرض أو ربعة أو حائط»(٣) وما أشبه ذلك مخصوص بما ذكرنا.
مسألة: [فيمن تجب له الشفعة بعد الشريك في أصل المبيع]
  قال: ثم الشفعة للشريك في الشرب، ثم للشريك في الطريق، ثم للجار الملاصق(٤).
  كل من أثبت شفعة الجوار فلا يخالف في الشرب والطريق، وأنهما يتقدمان عليه، ولا خلاف أنه لا شفعة للجار إذا لم يكن ملازقاً، وإنما الخلاف بيننا وبين
(١) «جميع» ساقط من (ب).
(٢) في (أ، ج): «لا» بدون واو.
(٣) أخرجه مسلم (٣/ ١٢٣٠).
(٤) الأحكام (٢/ ٧٦) والمنتخب (٣٨٧).