شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن تجب له الشفعة وكيفية وجوبها

صفحة 248 - الجزء 4

مسألة: [في الشفعة في الصداق والصدقة والهبة]

  قال: ولا شفعة في الصداق⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وعند الشافعي: فيه الشفعة.

  ولا شفعة في الصدقة والهبة⁣(⁣٢).

  وعند ابن أبي ليلى ومالك: في الهبة الشفعة.

  والأصل في ذلك: أن الشفيع يأخذ الشيء بالبدل الذي حصل على المشتري من المال، فإذا حصل الشيء له بغير بدل هو مال لم تجب الشفعة فيه، والدليل على ذلك: أنه لو لم يكن الأمر على ما ذكرنا لكان الشيء يؤخذ بقيمته، فلما لم يؤخذ⁣(⁣٣) بقيمته وأخذ بالثمن صح ما ذهبنا إليه.

  ولا خلاف أنه لا شفعة في الإرث، فكذلك⁣(⁣٤) الصدقة والهبة؛ لأنهما دخلا في ملكه بغير عوض.

  وربما قاسوه على البيع بعلة أنه دخل في ملكه باختياره، وهذا لا معنى له؛ لأن الاختيار لا تأثير له في هذا الباب، ألا ترى أن الشيء يدخل في ملك اليتيم والمجنون بالشراء ولا اختيار لهما، ومع هذا تجب فيه الشفعة؟

  وأما الصداق فإنه وإن كان في مقابلة البضع فإن البضع لا قيمة له في الحقيقة؛ ولأن المهر لا يملك به البضع، وإنما يستباح البضع به.

  على أنا لو أوجبنا أخذ المبيع بمهر المثل كنا قد أوجبنا العوض بحسب أحوال المالكة في حسنها وشبابها وثروتها⁣(⁣٥) ونسبها، وهذا في نهاية البعد؛ [لأن إيجاب


(١) الأحكام (٢/ ٨٨).

(٢) الأحكام (٢/ ٨٣، ٨٨) والمنتخب (٣٨٦).

(٣) في (أ، ج): يضمن.

(٤) في (ب، د): وكذلك.

(٥) في (أ، ج): وتزوجها.