شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح من الإجارة أو يفسد

صفحة 280 - الجزء 4

  أُنكِحَكَ إِحْدَي اَ۪بْنَتَيَّ هَٰتَيْنِ عَلَيٰ أَن تَأْجُرَنِے ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ}⁣[القصص: ٢٧]، وقال صاحب يوسف: {وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمْلُ بَعِيرٖ}⁣[يوسف: ٧٢]، وهذا يكون على سبيل الأجرة، فدل جميع ذلك على أن الاستئجار كان في شريعتهم À(⁣١).

  وروي أن النبي ÷ لما أراد الهجرة استأجر رجلاً دليلاً خِرِّيْتاً⁣(⁣٢)، فأخذ به ÷ وبأبي بكر على طريق الساحل⁣(⁣٣).

  وروي أن رسول الله ÷ اشترى بمنى سراويل، وثم وزان يزن بالأجرة، فدفع رسول الله ÷ إليه الثمن ثم قال: «[زن و] أرجح».

  وفي حديث ابن أبي وقاص أن النبي ÷ رخص أن تكرى الأرضون بالذهب والفضة⁣(⁣٤).

  على أنه إجماع الفقهاء، وعملٌ توارثه الخلف عن السلف من الصدر الأول إلى يومنا هذا.

  فأما وجه ما ذهبنا إليه من أن المدة والنفع والأجرة والعمل والمستأجر يجب أن تكون معلومة فهو ما أجمعوا عليه من أن الإجارة بيع المنافع، وأنها جارية مجرى البيوع في أن دخول الجهالة يفسدها، وقد علمنا أن دخول الجهالة في بعض ما ذكرنا ليس بأولى بالإفساد من بعض، فقلنا: إن الجهالة يجب أن تنتفي عن جميع ما ذكرنا. وأيضاً روي عن النبي ÷ أنه قال: «من استأجر أجيراً فليعلمه أجره»⁣(⁣٥)، فأوجب أن تكون الأجرة معلومة، وإذا وجب كونها


(١) ولم يثبت عندنا نسخه، فوجب ثبوت ذلك في شريعتنا. (من شرح القاضي زيد).

(٢) الخِرِّيت: الماهر الذي يهتدي لأخرات المفازة، وهي طرقها الخفية ومضايقها. وقيل: إنه يهتدي لمثل خرت الإبرة من الطريق. (نهاية ٢/ ١٩).

(*) في (أ، ج): استأجر رجلاً خريتاً. وفي (هـ): استأجر دليلاً خريتاً.

(٣) أخرجه البخاري (٣/ ٨٩).

(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٦٤) وأحمد في المسند (٣/ ١٤٦).

(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٩٨).