شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح من الإجارة أو يفسد

صفحة 286 - الجزء 4

  قيل له: الوقف عندنا على ضربين: وقف لا يقوم الورثة فيه مقامه من جهته فذلك يبطل، ووقف يقوم الورثة فيه مقامه من جهته فإجارته لا تبطل.

  على أن هذا لا يعترض علينا؛ لأن هذا عقد لم يوقعه العاقد في ملكه؛ لأن الوقف ليس بملك.

  فإن قيل: الملك⁣(⁣١) منتقل إلى الوارث، والنفع حادث على ملكه، فوجب أن تبطل الإجارة؛ إذ غير جائز استيفاء المنافع من ملك من لم تنعقد في ملكه.

  قيل له: هذا منتقض بالجارية يزوجها صاحبها ثم يموت؛ لأن الزوج يستوفي منافع البضع من ملك من لم يعقد في ملكه، وكذلك المكاتب إذا مات المولى لم تنفسخ الكتابة واستوفى المنافع.

  ولا خلاف أن رجلاً لو أوصى بخدمة عبده لرجل صح ذلك ولم تنفسخ الوصية لانتقال الملك إلى الوارث، فكذلك الإجارة.

  على أن رجلاً لو أجر عبده ثم باعه ورضي المشتري بتأخير التسليم لكان المستأجر عندنا وعند أبي يوسف يستوفي المنافع في ملك غير من عقد في ملكه.

  فإن قيل: إذا مات المستأجر فقد انتقل ملكه إلى الوارث، فلا يجوز أن تستحق عليه الأجرة بعد موت الموروث؛ لأن ذمته قد بطلت بالموت فلا يلحقه الدين.

  قيل له: لسنا نزعم أن الدين يلحقه بعد الموت، وإنما نقول: إنه ينتقل إلى الوارث؛ لانتقال المنافع إليهم، كالأعيان إذا انتقلت إليهم انتقلت أثمانها إليهم. على أن المنافع المعدومة في باب الإجارة كالأعيان الموجودة، فيجب أن تنتقل إلى الوارث.


(١) في (أ، ب، ج، د): الوقف.