كتاب الإجارة
  ملك العوض، ألا ترى أن البضع يملك بعقد النكاح وإن لم يذكر المهر أصلاً أو ذكر مهر فاسد؟ على أن البضع أيضاً يملك بمهر مؤجل كالمبيع يملك بثمن مؤجل، ونحن لا ننكر جواز اشتراط التعجيل في الأجرة، فمن تزوج على خدمة شهر فهو كأنه اشترط تعجيل عوض الخدمة، وهو البضع؛ لأن البضع لا يصح ثبوته في الذمة، فهو مشترط(١) للتعجيل(٢) حكماً، فيلزم وإن لم يشترطه(٣) لفظاً، كما أن المرأة اشترطت التأجيل في العوض - وهي خدمة شهر - حكماً ولم تشترط لفظاً، فدل جميع ذلك على(٤) أن البضع لم يملك لكونه أجرة، فبطل ما اعتمدوه.
  فإن قيل: لو لم تكن المنافع المعدومة في حكم الموجودة المقبوضة لم يصح أن تعقد الإجارة على أجرة مؤجلة؛ لأنه يكون بمنزلة دين بدين، وقد نهى النبي ÷ عن ذلك، وأيضاً كان يجوز(٥) للمستأجر أن يؤجر(٦) ما لا يقع القبض فيه، وكل ذلك يبين أنه في حكم المقبوض.
  قيل له: إن الإجارة وإن كانت كالبيع فإن البياعات تختلف، فيجوز في بعضها ما لا يجوز في بعض، ألا ترى أن الصرف قد اختص بما لا يختص به غيره من البيوع؟ وكذلك السلم؟ فكذلك حكم الإجارة لا يمتنع أن تختص بأمور فيجوز فيها ما لا يجوز في سائر البيوع، فلم يجب ما ادعيتموه من كون المنافع في حكم المقبوض على جميع الوجوه.
  على أن هذه المنافع قد جعلت في حكم المقبوض في مواضع، وفي حكم ما لم
(١) في (د): مشروط.
(٢) في (ب): التعجيل.
(٣) في (أ، ج): فيلزم أن يشترطه. وفي (ب، هـ): فيلزم إن اشترطه.
(٤) «على» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٥) «كان يجوز» ساقط من (ب، د). ولعلها: كان لا يجوز.
(٦) في (أ، ج، د): يؤاجر.