شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المضاربة

صفحة 365 - الجزء 4

  فإن تعدى فأتلف المال كان ديناً عليه يطالب به إذا عتق؛ لأن صاحب المال رضي بتصرفه في المال ودفعه⁣(⁣١) إليه ولم يكن لمولاه فيه إذن، فوجب ألا يلزم بتعديه مولاه، بمنزلة من يقرضه مالاً فينفقه أنه لا يلزم سيده؛ لأن صاحب المال رضي بذمته.

  فإن قيل: صاحب المال لم يرض بتصرفه في الاستهلاك، وإنما رضي بتصرفه في التجارة.

  قيل له: رضي بذمته لما سلم إليه المال⁣(⁣٢)؛ لأنه لم يأمن أن يتحول إليها⁣(⁣٣) المال، فوجب ألا يلزم سيده.

  قال: وإن دفع ماله مضاربة إلى المراهق بإذن أبيه أو وليه أو وصي أبيه صحت المضاربة، وإن أتلف الصبي المال وجب ذلك عليه في ماله⁣(⁣٤).

  وذلك أن المراهق إذا أذن له من يلي عليه في التجارة صح بيعه وشراؤه وعقوده عندنا؛ فلذلك قلنا: إن المضاربة صحيحة. فإن أتلف المال كان عليه في ماله كسائر جناياته في الأموال، فإن لم يكن له مال كان ديناً عليه يطالب به إذا أيسر.

  قال: فإن دفع إليه بغير إذن من يلي عليه فسدت المضاربة وكان للصبي عليه أجرة مثله⁣(⁣٥).

  لأن عقوده لا تصح، فلم يصح عقد المضاربة كما بينا في العبد الذي لم يكن مأذوناً له.

  فإن قيل: فما تقولون في توكيل الصبي والعبد المحجور عليه؟

  قيل له: نجوزه، ولكن لا عهدة عليهما، والعهدة على الآمر لهما؛ لأنهما كالصغيرين عنده.


(١) في (هـ): فدفعه.

(٢) في (ب، د): المال إليه.

(٣) في المخطوطات: إليه. والمثبت من شرح القاضي زيد.

(*) أي: إلى ذمته.

(٤) الأحكام (٢/ ١٠١).

(٥) الأحكام (٢/ ١٠١).