باب القول في المضاربة
  فإن تعدى فأتلف المال كان ديناً عليه يطالب به إذا عتق؛ لأن صاحب المال رضي بتصرفه في المال ودفعه(١) إليه ولم يكن لمولاه فيه إذن، فوجب ألا يلزم بتعديه مولاه، بمنزلة من يقرضه مالاً فينفقه أنه لا يلزم سيده؛ لأن صاحب المال رضي بذمته.
  فإن قيل: صاحب المال لم يرض بتصرفه في الاستهلاك، وإنما رضي بتصرفه في التجارة.
  قيل له: رضي بذمته لما سلم إليه المال(٢)؛ لأنه لم يأمن أن يتحول إليها(٣) المال، فوجب ألا يلزم سيده.
  قال: وإن دفع ماله مضاربة إلى المراهق بإذن أبيه أو وليه أو وصي أبيه صحت المضاربة، وإن أتلف الصبي المال وجب ذلك عليه في ماله(٤).
  وذلك أن المراهق إذا أذن له من يلي عليه في التجارة صح بيعه وشراؤه وعقوده عندنا؛ فلذلك قلنا: إن المضاربة صحيحة. فإن أتلف المال كان عليه في ماله كسائر جناياته في الأموال، فإن لم يكن له مال كان ديناً عليه يطالب به إذا أيسر.
  قال: فإن دفع إليه بغير إذن من يلي عليه فسدت المضاربة وكان للصبي عليه أجرة مثله(٥).
  لأن عقوده لا تصح، فلم يصح عقد المضاربة كما بينا في العبد الذي لم يكن مأذوناً له.
  فإن قيل: فما تقولون في توكيل الصبي والعبد المحجور عليه؟
  قيل له: نجوزه، ولكن لا عهدة عليهما، والعهدة على الآمر لهما؛ لأنهما كالصغيرين عنده.
(١) في (هـ): فدفعه.
(٢) في (ب، د): المال إليه.
(٣) في المخطوطات: إليه. والمثبت من شرح القاضي زيد.
(*) أي: إلى ذمته.
(٤) الأحكام (٢/ ١٠١).
(٥) الأحكام (٢/ ١٠١).