شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شركة العلو والسفل والشوارع والأزقة

صفحة 374 - الجزء 4

  وإما أن يكون حول الطريق أرض موات فيمنع من أراد الإحياء إلا بعد أن يجعل للطريق هذه التقديرات. فأما إذا كان حول الطريق أملاك متميزة عن الطريق لا التباس فيها فحكم الطريق أن يترك على ما هو عليه من الضيق والسعة.

  ولتقدير الزقاق على أوسع باب فيه وجه آخر، وهو أن من أراد دخول داره فله أن يدخل من أي موضع شاء من بابه، وكذلك من أراد الخروج، فيصير كل ما اتصلت طريقاً. ولعل هذا الوجه في عرض الدار التي في صدر الزقاق أوضح.

مسألة: [في فتح الكنف إلى الطريق وفي الصوامع المشرفة على الدور]

  قال: ويجب أن يمنع الناس من فتح الكنف إلى الطرق⁣(⁣١) والشوارع، وأن تهدم الصوامع المشرفة على دور المسلمين من المساجد إذا كان تبدو حرمهم لمن ارتقى فيها⁣(⁣٢).

  ومنع من ذلك كله لأنها أجمع ضرر بالمسلمين، وقد قال ÷: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».

  فإن قيل: ألستم لا تمنعون الجار أن يبني لنفسه ما يمكن الإشراف فيه⁣(⁣٣) على منزل جاره، بل تقولون: إن جاره هو الذي يعمل لنفسه الستر إن احتاج إليه، فكيف قلتم: إن الصوامع تهدم إذا أمكن الإشراف منها على دور المسلمين؟

  قيل له: لأن الصوامع بنيت لمصالح المسلمين، فإذا حصل فيها الضرر لبعض المسلمين زال الوجه الذي بنيت له فوجب نقضها، والدور والمنازل لم تبن لمصالح المسلمين، بل كل إنسان له أن يعمل في ملكه ما يريد ويبني ما يشاء لا يمنع منه؛ لأن في منعه منه إدخال الضرر عليه، وقال ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه»، ولا يحل هدم بنائه في ملكه، ولا منعه من بنائه.


(١) في (ب، هـ): الطريق.

(٢) الأحكام (٢/ ١٣٩، ١٤٠).

(٣) في نسخة في (هـ): منه.