باب القول في العارية
  بإذن المعير غير متعد فلا يضمن إلا ما يأخذه أو يحصل](١) له بعوض دينه(٢)، والراهن بغير إذنه متعد يضمن على كل حال.
  وقولنا في الراهن بإذن المعير: إنه يضمن الزيادة إذا أخذها معناه أنه يردها على المعير، وإلا فهو أمين فيه بمنزلة الوكيل، فذكر الضمان توسع في الكلام.
  قال: والمستعير إذا استهلك العارية على أي وجه استهلكها ضمن.
  وهذا ما لا خلاف فيه؛ لأنه متعد بمنزلة الغاصب.
مسألة: [في الرهن على العارية]
  قال: وإذا استعار رجل من رجل شيئاً فأعطاه عليه الرهن فقبضه المعير كان ذلك تضميناً، فإن تلفت العارية ضمنها(٣).
  وقد بينا في كتاب الرهون أن ذلك يجري مجرى اشتراط الضمان، فلا وجه لإعادته.
مسألة: [في رد العارية مع رسول فتلفت]
  قال: وإذا رد المستعير العارية إلى صاحبها مع مملوكه أو خادمه فتلفت العارية لم يضمنها المستعير، فإن ردها مع الأجنبي فتلفت ضمنها.
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه في غالب ظني، ووجهه: أن العارية إذا لم يشترط ضمانها كانت في يد المستعير بمنزلة الوديعة، سيما على قولنا: إنه ليس له أن يعير غيره إلا بإذن المعير، فإذا ثبت ذلك فمتى ردها على يد مملوكه أو خادمه أو بعض عياله فتلفت لم يضمنها [وإن ردها مع الأجنبي ضمنها](٤) لأن يد الأجنبي غير يد المستعير، فإذا سلمها إلى غيره ممن يده لا تكون في الحكم كيده يكون ضامناً لها كما يكون في الوديعة.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٢) لفظ شرح القاضي زيد: ويلزمه أيضاً أن يرد عليه ما حصل له من عوض رهنه، وهو قدر نقصان دينه.
(٣) المنتخب (٥٢٦).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).