باب القول في كفارة اليمين
  والمكاتبة فقد بطل تصرف مولاها فيها، وحصل لها كثير من أحكام الحرية بالكتابة، فلم تجز، وكذلك ولدها؛ لأنه في حكمها.
  وأم الولد فقد استحقت العتق على التحقيق من حيث لا يجوز أن يرد ما يبطل استحقاقها عليها(١) فأشبهت الحر والعبد بين الشريكين في أن ملكه غير تام.
  وأما المدبر فإنه وإن كان قد استحق العتق فإنه استحقه عندنا على وجه يجوز عليه البطلان، وتصرف مولاه باقٍ عليه بعد، فلا هو في حكم المكاتب ولا في حكم أم الولد، فوجب أن يجزئ، وكرهه في كفارة القتل لأن الأمر فيها مغلظ، وليست كسائر الكفارات.
مسألة: [في إخراج القيمة بدل الطعام والكسوة]
  قال القاسم #: ولا بأس أن يخرج إلى الفقراء في كفارة اليمين قيمة الطعام بدل الطعام، وقيمة الكسوة بدل الكسوة.
  وأجاز أبو حنيفة وأصحابه القيمة في هذا وفي الزكوات والعشور، ومنع الشافعي من القيمة في الجميع، وأجاز أصحابنا القيمة في هذا دون الزكوات والعشور.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن الله تعالى أمر بالإطعام والكسوة، وقد علمنا أن من أعطى غيره قيمة الطعام ليطعم يقال له: أطعمه، وكذلك من أعطاه قيمة الكسوة ليكتسي يقال: إنه كساه، ويقال: فلان في إطعام فلان، وفي كسوته، إذا كان طعامه وكسوته مما يصل إليه من جهته وإن كان الواصل إليه ورقاً أو غير ذلك من القيم، ألا ترى أن رجلاً لو دفع مالاً له إلى رجل وقال: «يجب أن تكسو هذا غلامي وتطعمه» جاز أن يوليه شراء طعامه وكسوته، وأن يدفع الورق إليه؟ ألا ترى أن الكسوة لو حملت على حقيقة اللغة دون العرف كان يجب ألا يجزئ
(١) «عليها» ساقط من (ب، د).