باب القول في الشهادة على الزنا
  ويدل على صحة قولنا: قول الله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةٗ مِّنكُمْۖ}[النساء: ١٥] وقال: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ}[النور: ٤] فعلق الحكم على عدد الشهود، ولم يشرط فيه الاجتماع ولا الافتراق، فعلى أي وجه حضروا وأدوا الشهادة تكون شهادتهم ثابتة، وروي أن هلال بن أمية لما رمى زوجته بالزنا قال له النبي ÷: «ائتني بأربعة يشهدون، وإلا فحدٌ في ظهرك» ولم يشترط أن يكونوا مجتمعين. وأيضاً لا خلاف بيننا وبينهم إذا اجتمعوا عند الحاكم ثم شهدوا مفترقين؛ لأن(١) شهادة الأربعة قد تمت. وأيضاً سائر الشهادات لا فرق بين اجتماع الشهود عليها أو افتراقهم إذا تم العدد، فكذلك شهود الزنا إذا تم العدد.
  فإن قالوا: إذا جاءوا واحداً بعد واحد صار الجميع قذفة.
  قيل لهم: هذا ينقض(٢) إذا حضروا مجتمعين ثم تفرقوا في الشهادة(٣)، على أنا لا نسلم لهم أنهم يصيرون قذفة بعد أن تتم الشهادة أربعاً(٤).
  فإن قيل: لو جاز انتظار الواحد بعد الواحد لم يجب إقامة حد القاذف(٥) على الشاهدين أو الثلاثة؛ لجواز أن يجيء من تتم بهم الشهادة.
  قيل له: هذا يلزمكم فيما ألزمتمونا(٦)؛ لأنه كان يجب ألا يقام الحد لجواز ألا(٧) يحضروا أربعة مجتمعين.
(١) في (هـ): أن.
(٢) في (ب، د، هـ): قيل لهم: قد انتقض.
(٣) في (هـ): ثم شهدوا مفترقين.
(٤) في (أ، ج، هـ): أربع.
(٥) في (هـ): القذف.
(٦) في (أ): التزمتموه.
(٧) كذا في المخطوطات.