شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد السارق

صفحة 274 - الجزء 5

  فأما إذا كان كبيراً - ومعناه أن يكون يعقل وينبئ عن نفسه، سواء كان بالغاً أو غير بالغ - فلا قطع فيه عند أبي حنيفة والشافعي.

  والدليل على لزوم القطع فيه قول الله ø: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} وسارق الكبير أيضاً سارق فلزمه القطع.

  فإن قيل: هو مناهب وليس بسارق.

  قيل له: كونه مناهباً لا يخرجه عن⁣(⁣١) أن يكون سرقه من صاحبه، ألا ترى أن البهيمة لو امتنعت عليه وأكرهها على الخروج من الحرز كان سارقاً؟ فكذلك إذا أكره العبد. وأيضاً هو مالٌ أخرجه من الحرز على وجه الاستخفاء من صاحبه فوجب أن يلزمه القطع؛ دليله البهيمة والمملوك الصغير الذي لا ينبئ عن نفسه.

  فأما إن أخرجه⁣(⁣٢) طوعاً فلا خلاف في أنه لا قطع عليه؛ لأنه خرج باختياره، وليس السارق مخرجاً له.

  قال: ويجب أن يثبت الإكراه بشهادة شاهدين، أو إقرار السارق مرتين، فإن رجع عن الإقرار قبل رجوعه⁣(⁣٣).

  وذلك أن معنى السرق في هذه المسألة هو الإكراه على الخروج، فلا يثبت ذلك إلا بما تثبت به السرقة من شهادة شاهدين أو إقرار السارق مرتين على ما سلف القول فيه، ويقبل رجوعه بعد الإقرار على ما مضى القول فيه، وذلك لدرء القطع دون ضمان العبد إن كان أقر بإخراجه وإن لم يقر بالإكراه؛ لأنه يكون غاصباً، فعليه ضمانه.


(١) «عن» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٢) في (أ، ج): خرج.

(٣) الأحكام (٢/ ١٩٠).