باب القول فيما يوجب الدية أو بعضها أو ما يوجب الحكومة
مسألة: [في صبي ورجل قتلا رجلاً عمداً]
  فإذا قتل رجلٌ وصبيٌ رجلاً عمداً قتل الرجل به، ولزم عاقلة الصبي دية جنايته(١).
  قال أبو حنيفة: لا قصاص على العامد، وهو أحد قولي الشافعي.
  ودليلنا قول الله ø: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ اُ۬لْقِصَاصُ فِے اِ۬لْقَتْلَيۖ} وقوله ø(٢): {اَ۬لْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}[البقرة: ١٧٨] فأوجب القصاص فيمن اختلفنا فيه. وأيضاً هو قاتل عمد، فوجب أن يلزمه القصاص؛ دليله لو انفرد أو شاركه مثله. يبين ذلك أن مسلماً وذمياً لو اشتركا في مال تجب فيه الزكاة لزمت الزكاة المسلم دون الذمي، ولم يكن سقوطها عن شريكه الذمي موجباً لسقوطها عنه، فبان أن المشتركين في الشيء لا يغير أحد الشريكين حكم صاحبه فيما له وعليه.
  فإن قيل: قتل العامد يبيح نفسه، وقتل الصبي لا يبيح نفسه، بل يبقى على الحظر، والحظر والإباحة إذا اجتمعا كان الحظر أولى، فوجب أن تكون نفس العامد أيضاً محظورة.
  قيل له: هاهنا الحظر والإباحة لم يجتمعا في شيء واحد، وإنما اجتمعا في نفسين، فيبقى المحظور على حظره والمباح على إباحته، وإنما يجب التغليب إذا اجتمعا في شيء واحد.
  قال أيده الله: ادعى أصحاب أبي حنيفة الإجماع على أن المخطئ والعامد إذا اجتمعا في قتل فلا قود على القاتل العامد، ويجب أن ينظر في هذا الإجماع، فإن كان الأمر على ما ادعوا واستقر هذا الإجماع فالمسألة قوية، وإن لم يكن ما ادعوه
(١) الأحكام (٢/ ٢٠٨).
(٢) كذا في المخطوطات، وهي آية واحدة.