باب القول في أدب القاضي
مسألة: [في وجوب التسوية بين الخصمين]
  قال: ويجب أن يسوي بين الخصمين في المجلس والإقبال والتسليم والإصاخة(١).
  والأصل فيه: ما رواه زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ أن النبي ÷ قال: «لا تضيفن أحد الخصمين دون صاحبه»(٢) فأمر بالتسوية بينهما.
  وروى الجصاص بإسناده عن أم سلمة أن النبي ÷ قال: «من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظهِ وإشارته ومقعده ومجلسه(٣)، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لم يرفع على الآخر»(٤)، وكذلك قوله ÷ لعلي #: «لا تقضِ لأحد الخصمين حتى تسمع كلام الآخر» يدل على وجوب التسوية.
  وروي أن رجلاً أتى علياً # فأضافه، فقرب إليه في خصومة، فقال علي #: (أخصم أنت؟) قال: نعم، قال: (فتحول عنا، فإن النبي ÷ نهانا أن نضيف الخصم إلا ومعه خصمه)(٥)، فكل ذلك موجب للتسوية.
  وروي أن علياً # خاصم يهودياً(٦) في درع وجده في يده ورافعه إلى شريح، فلما حضره جلس إلى جنب شريح وقال: (لولا أن خصمي ذمي ما جلست إلا إلى(٧) جنبه، لكن أمرنا النبي ÷ أن نذلهم ونلقاهم بالصغار)، أو كلاماً هذا معناه(٨).
(١) الأحكام (٢/ ٣٥٠، ٣٥٥).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٤).
(٣) في شرح مختصر الطحاوي: أو مجلسه.
(٤) شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٦) وأخرجه أيضاً البيهقي في السنن الصغير (٤/ ١٣٣).
(٥) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٨/ ٣٠٠) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٣٢) والجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٦، ٧).
(٦) في (أ، ج) ونسخة في (هـ): نصرانياً.
(٧) في (ب، د): ما جلست إلى جنبه.
(٨) أخرجه المرشد بالله في الخميسية (٢/ ٣٢٥، ٣٢٦) ووكيع الضبي في أخبار القضاة (٢/ ٢٠٠).