باب القول في الدعوى والبينات
مسألة: [في قول المنكر في الشاهد الذي ذكره المدعي: هو صادق وقد رضيت به]
  قال: وإذا ذكر المدعي للمنكر شاهداً واحداً فقال المنكر: هو صادق، وقد رضيت به، كان له ألا يلتزم الحكم بقوله بعد ذلك حتى يشهد معه آخر(١).
  ووجهه: أن ذلك ليس هو إقراراً بالحق، وإنما أخبر عن حال الشاهد، ولو أن الحاكم عرف ذلك من حال الشاهد لم يجز له الحكم به، كذلك إذا عرفه الخصم. وأيضاً فإن الله تعالى لم يوجب الحكم بمجرد شهادة الواحد، ولم يجزه، فلم يؤثر فيه قول الخصم، ألا ترى أن ذلك لو قاله(٢) في كافر أو فاسق ظاهر الفسق لم يجز الحكم بقوله؟ كذلك المسلم(٣)؛ لأن الشرع ورد بخلافه، فلم يؤثر فيه رضا الخصم، [وهذا مما لا أعرف فيه خلافاً، وعلى هذا لو شهد شاهدان غير عدلين ورضي بهما الخصم لم يجز الحكم به؛ لأن الشرع قد ورد بخلافه، فلا يؤثر فيه رضا الخصم](٤).
  فإن قيل: فلم لم يؤثر وقد رضي الخصم(٥) به؟
  قيل له: لأن تنفيذ الحكم هو حق لله(٦) ø، فلا يعتبر فيه رضا الخصم، ألا ترى أنه تعالى بين أحوال الشهود وعددهم بحسب المشهود له وعليه؟ على أنه وإن كان رضي به فله الرجوع عنه ما لم ينفذ الحكم عليه. والذي يجب أن يقال للخصم: إن رضيت به فالتزم الحق(٧) بغير حكم.
(١) المنتخب (٥١٥).
(٢) في (أ، ب، ج، د): قال.
(٣) في (أ، ب، ج، د): للمسلم.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٥) «الخصم» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٦) في (أ، ج): هو من حق الله.
(٧) «الحق» ساقط من (ب، د، هـ).