شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 219 - الجزء 6

  لنفسه، وشهادة الإنسان لنفسه تكون دعوى، فهو إذاً مدع في شهادته يحتاج فيها إلى البينة؛ لقوله: «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه»، وقوله: «لو أعطي الناس بدعواهم⁣(⁣١) لادعى قوم دماء قوم وأموالهم».

  فأما إن شهد لشريكه في أمر لا تعلق له به فشهادته مقبولة؛ لأنه لا يكون في ذلك مدعياً لنفسه.

  وشهادة الجار إلى نفسه أيضاً لا خلاف في أنها مردودة؛ للوجه الذي بيناه في الشريك، ويكون جاراً إلى نفسه متى تضمنت شهادته إثبات ملك لنفسه أو حقاً على أي وجه كان.

مسألة: [في شهادة الذمي على المسلم والعكس]

  قال: ولا تجوز شهادة الذمي على المسلم، وشهادة المسلمين على أهل الذمة جائزة⁣(⁣٢).

  وهذا مما لا خلاف فيه.

  والأصل فيه: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا تجوز شهادة ملة على ملة إلا ملة الإسلام فإنها تجوز على الملل المختلفة كلها»، فبين أن شهادة المسلمين جائزة على أهل الملل كلها. وأيضاً المسلم العفيف عدل على الإطلاق، فوجب أن تقبل شهادته على أهل الذمة؛ دليله شهادته على أهل الإسلام، والذمي وإن كانت تجوز شهادته عندنا على مثله فإنه لا يكون عدلاً على الإطلاق؛ لأن الإطلاق يقتضي أن يكون عدلاً في اعتقاده وأفعاله، والذمي وإن كان عدلاً في أفعاله فلا يطلق فيه أنه عدل؛ لفساد اعتقاده.


(١) في (أ): بدعاويهم.

(٢) الأحكام (٢/ ٣٥٧) والمنتخب (٥٢١).