باب القول في الشهادات
  الغير بقول من لا يمكن أن يعلم(١) صدقه، ولا دلالة في جواز الشهادة على الشهادة إلا الإجماع، والإجماع حصل في جوازها في الحقوق والأموال دون الحدود والقصاص، [فقلنا بما أجمع عليه، وتركناها](٢) في الحدود والقصاص على الأصل. وأيضاً قد ثبت أن شهادة النساء غير مقبولة في الحدود والقصاص؛ لأنها بدل من شهادة الرجال، فوجب ألا تجوز فيها الشهادة على الشهادة؛ لأنها بدل من شهادة الأصل، ألا ترى أنه لا حكم لها مع حصول شهادة الأصل؟ فهي أضعف من شهادة النساء. وأيضاً كان القياس ألا تقبل الشهادة على الشهادة؛ بدلالة أن الشاهد على الشهادة معترف أنه لا علم له بالمشهود عليه، والشاهد إذا اعترف بذلك فالأصول كلها توجب بطلان شهادته، فلما كان القياس يوجب رد شهادته وأجمع المسلمون على جوازها فيما عدا الحدود والقصاص [قلنا به، و](٣) بقينا حكمها في الحدود والقصاص على موجب القياس.
  فإن قيل: إن الشاهد على الشهادة يشهد على الشهادة دون الحق، فلم يجب ردها قياساً.
  قيل له: ليس كذلك، ألا ترى أنه لو رجع عن الشهادة في مال بعد الحكم به ضمن؟ فبان أنها شهادة بالحق(٤).
  فإن قيل: فقد قلتم: إن شهود الإحصان يضمنون إذا رجعوا وإن لم تكن شهادة بالزنا، فما أنكرتم أن يضمن الشاهد على الشهادة وإن لم تكن شهادته شهادة بالحق؟
(١) في (ب، د، هـ): بقول من لا يعلم.
(٢) في (ب، د، هـ): بدل ما بين المعقوفين: فبقي حكمها.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٤) في (ب، د، هـ): فبان أن شهادته بالحق.