باب القول في التفليس
  فإن قيل: فهلا قلتم: إن جميع ثيابه تباع ويكتري ثياباً يلبسها؟
  قيل له: لأن عادة الناس غير جارية باكتراء الملبوس، وهي جارية باكتراء المساكن والمنازل، ولذلك فصلنا بينهما.
  قال: ويباع عليه خاتمه لأنه مما لا يحتاج إليه(١)، ويستغني عنه.
  لأنه من باب التجمل، وليس من باب الاحتياج.
  قال أيضاً في المنتخب: ويبقى عليه نفقته له(٢) ولعياله، ولم يحد فيه حداً، قال القاضي محمد بن سليمان: ورأيت يحيى بن الحسين # قد حكم على رجلٍ عليه ديون لجماعةٍ من الناس، فأمر ببيع ضيعته ودوابه وعبيده، وأمره أن يساوي(٣) بين الغرماء بالثلثين من ذلك، ويمسك ثلث ماله لعياله.
  قال أيده الله تعالى: هذا عندي - والله أعلم - ليس على استبقاء الثلث لكل من بيع عليه، وإنما ذلك بحسب ما يظهر للإمام من حال الغريم؛ إذ لا يمتنع أن يكون علم يحيى بن الحسين # من حال ذلك الإنسان لقلة ماله وكثرة عياله أنه لا يستغني عن مقدار ثلث ماله، فلذلك أبقاه عليه. والأصل في هذا عندي - والله أعلم - أن ينظر إلى حال الغريم في نفسه وعياله وكسبه، فإن كان ممن [يمكن أنه يتكسب لعياله يوماً بيوم لم يبق عليه أكثر من لباسه الذي لا بد منه، ولباس عياله، وسكناه، وطعامه وشرابه ليومه، وإن كان ممن](٤) يمكنه التكسب جمعةً جمعة أو شهراً شهراً يستبقي عليه من قوته ما يعلم أنه يكفيه إلى مدة يمكنه فيها اكتساب قوته وقوت عياله، وكذلك إن كانت له آلة لا يجد بداً
(١) المنتخب (٥٦٦).
(٢) «له» ساقط من (أ، ج، هـ).
(*) المنتخب (٥٦٦، ٥٦٧).
(٣) في المنتخب: يواسي.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).