باب القول في الضوال واللقط
باب القول في الضوال واللقط
  ينبغي للإمام أن يجعل لضوال المسلمين مربداً، فكل من وجد ضالة صيرها إليه، وعلفت من بيت مال المسلمين(١).
  قلنا ذلك لأن الإمام منصوب لحفظ أموال المسلمين عليهم(٢) إذا غابوا عنها ورعايتها وتحري مصالحها، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «ضالة المؤمن حَرَق(٣) النار»(٤).
  وروي عنه أيضاً في ضالة الغنم أنه قال: «هي لك أو لأخيك أو للذئب»(٥)، فدل بذلك على أن الضوال يجب حفظها على صاحبها، وقوله: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» لم يرد التمليك، وإنما بين أن الأخذ أولى، وأنه إن لم تأخذ أنت ولا أخوك أخذها الذئب، يكشف ذلك أن تمليك الذئب لا يصح. وليس هو تمليك للآخذ؛ لقوله: «ضالة المؤمن حرق النار».
  وروي أيضاً: «لا يؤوي الضالة إلا ضال»(٦).
  ولا خلاف أن حفظها على صاحبها جائز، فثبت أن المراد به إيواؤها لنفسه دون صاحبها.
  وأما التعليف من بيت مال المسلمين فلأن ترك تعليفها تعذيب لها، وذلك محظور، ولا يجب ذلك على الإمام من خاصة ماله، فوجب أن يكون من بيت مال المسلمين، ثم إذا جاء صاحبها كان الأمر في أخذ بدل ما أنفق من صاحبها
(١) الأحكام (٢/ ١٤٨).
(٢) «عليهم» ساقط من (هـ).
(٣) حرق النار بالتحريك: لهبها، وقد يسكن، أي: أن ضالة المؤمن إذا أخذها إنسان ليتملكها أدته إلى النار. (نهاية ١/ ٣٧١).
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٨٣٦) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٣٣).
(٥) أخرجه محمد بن منصور في الأمالي (٤/ ٢١٤) والبخار ي (١/ ٣٠) ومسلم (٣/ ١٣٤٦).
(٦) أخرجه أبو داود (١/ ٥٠٣) وابن ماجه (٢/ ٨٣٦).