شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الأطعمة

صفحة 455 - الجزء 6

  فإن قيل: روي [عن عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي عمار قال]⁣(⁣١): سألت جابر بن عبدالله عن الضبع، آكلها؟ قال: نعم، قلت⁣(⁣٢): أصيد هو؟ قال: نعم، قال⁣(⁣٣): قلت: سمعت ذلك من رسول الله ÷؟ قال: نعم⁣(⁣٤).

  قيل له: أما قوله: «تؤكل» فهو كلام جابر، وقوله: سمعت من رسول الله ÷ راجع إلى قوله: هو صيد، ونحن لا ننكر أنه صيد، فإنه إذا قتله المحرم يلزمه الجزاء، ولكن ليس كل صيد يؤكل.

  وروي عن جابر عن النبي ÷ أنه سئل عن الضبع فقال: «هي من الصيد»، وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشاً. ولم يذكر الأكل، فبان أن ذكر الأكل كان حين ذكر من كلام جابر، يحقق⁣(⁣٥) ذلك ما رويناه عن علي عن النبي ÷ أنه نهى عنها.

  فإن قيل: قال الله ø: {۞قُل لَّا أَجِدُ فِے مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ...} الآية [الأنعام: ١٤٦].

  قيل له: عندنا أن هذه السباع ميتة وإن ذبحت؛ لأن المذبوح لا يكون مذكى إلا إذا دل الشرع عليه، ألا ترى أن الخنزير لا يصير مذكى بالذبح؟ على أنه يمكننا أن نجمع بين الخبرين والآية، فنقول: تقديرهما: على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير أو ذا ناب من السباع أو مخلب من الطير. على أن الخبر يجوز أن يكون قاله النبي ÷ بعد نزول الآية، فيكون إضافة تحريم إلى تحريم، وهذه⁣(⁣٦) طريقة أصحابنا وأصحاب الشافعي في ضم


(١) ما بين المعقوفين من كتب الحديث. ومكانه بياض في المخطوطات.

(٢) في (أ، ج): قال.

(٣) «قال» ساقط من (هـ).

(٤) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٤/ ٥١٣) والنسائي (٧/ ٢٠٠).

(٥) في (أ، ج): وتحقيق.

(٦) في (أ، ب، ج، د): وهذا.