شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الأشربة

صفحة 478 - الجزء 6

  وفصلوا بينها⁣(⁣١) وبين المثمن من الزجاج ونحوه بأن قالوا: ما كان ارتفاع ثمنه ونفاسة قدره بجنسه وجوهره فلا يجوز استعماله؛ لأنه جار مجرى الذهب والفضة، وما كان ارتفاع ثمنه ونفاسة قدره للصنعة كالزجاج والنحاس وما أشبه ذلك يجوز استعماله؛ لأنه كسائر الأواني. وذلك عندي قريب، والله أعلم.

مسألة: [فيما يستحب لمن شرب وأراد أن يسقي أصحابه]

  قال: وإذا شرب الرجل ما يجوز له شربه وأراد أن يسقي أصحابه استحب له أن يبدأ بمن عن يمينه، ثم يدير الإناء حتى يرجع إلى من هو عن شماله⁣(⁣٢).

  وذلك أن الابتداء بالأيمان في كثير من المواضع واجب أو مستحب؛ لأنا نوجب ذلك في ترتيب الوضوء، وقال ÷: «إذا لبستم أو توضأتم فابدأوا بميامنكم»، فصار الابتداء بالميامن في الأمور مستحباً.

  قال يحيى: وبلغنا عن رسول الله ÷ أنه أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره مشائخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء»؟ فقال الغلام: لا والله يا رسول الله ما أؤثر بنصيبي منك أحداً، فناوله رسول الله ÷ ما في يده⁣(⁣٣).


(١) في المخطوطات: بينهما.

(٢) الأحكام (٢/ ٣٢١).

(٣) في الأحكام (٢/ ٣٢١) والبخاري (٣/ ١٣٠) ومسلم (٣/ ١٦٠٤) وغيرها: فتله رسول الله ÷ في يده. قال في النهاية (١/ ١٩٥): أي: ألقاه.