[باب القول في الغسل]
  والأصل في ذلك: أن الله تعالى أمر بالغسل مع الإمكان، وقد بينا فيما مضى أن الغسل هو صب الماء مع الدلك أو ما يقوم مقامه، فإذا أمكن جميع(١) ذلك وجب أن يفعل، وإذا تعذر الدلك سقط وبقي وجوب صب الماء، وإذا تعذر صب الماء مع الدلك سقطا جميعاً ووجب التيمم، مثل الصلاة تجب من قيام، فإذا تعذر القيام سقط وجوبه وصلى من قعود، فإذا تعذر القعود سقط وجوبه وصلى بالإيماء.
  ويدل على ذلك: قوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ} ... إلى قوله: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ}[المائدة: ٦]، فجعل للمريض العدول عن الماء إلى التيمم، وهذا عام في كل مرض، فلما أجمع الجميع على أن المريض الذي لا يستضر بالماء لا يجوز له العدول عنه خص ذلك، وبقي الباقي على عمومه، وهذا يصحح ما نذهب إليه من أن من خاف الزيادة في العلة جاز له العدول عن الماء إلى التيمم، وهو الذي نص عليه القاسم # فيما رواه عنه يحيى في الأحكام: «من خشي التلف أو العنت من مجدور أو مريض [أو جريح(٢)] تيمم، وكان ذلك [له] مجزياً».
  وأخبرنا محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر #، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: أخبرنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي #(٣) أن رجلاً أتاه فقال: إن ابن أخي به جدري وقد أصابته جنابة فكيف أصنع؟ فقال: «يمموه»(٤).
  وهذا مقيس على من خاف التلف من استعمال الماء؛ بعلة أنه يخاف زيادة العلة
(١) في (ج): جمع.
(٢) ما بين المعقوفين هنا وفي الموضع الذي بعده من الأحكام (١/ ٧٠).
(٣) في (ب، ج): $.
(٤) مجموع الإمام زيد بن علي # (٧٣)، وأمالي أحمد بن عيسى (١/ ٥٤).