باب القول في الملابس
  قيل له: لا يمتنع أن يكون أراد أن يعرف الفرق بين ذلك وبين أواني الذهب والفضة، ألا ترى أنه يحل للنساء لبس الخلاخيل والأسورة من الذهب والفضة ولا يحل لهن استعمال أواني الذهب والفضة؟
  وإن حمل على ظاهره أنه يحل للرجال والنساء احتمل أيضاً، وبه قال أبو حنيفة.
  والأصح عندي تحريمه على الرجال؛ لما روي عن عدة من الصحابة، وروي عن علي # أنه قدمت إليه دابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب رأى على صَفَّة(١) السرج قطعة من الديباج، فثنى رجله ولم يركب(٢).
  وروي عن سعد بن أبي وقاص في حديث طويل أنه قال: لئن أضطجع على جمر الغضى أحب إلي من أن أضطجع على مرافق حرير(٣).
  ولأن قوله في الحرير والذهب: «هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم» اقتضى تحريم استعماله على أي وجه كان من توسد أو لبس، واللبس لما كان محرماً وجب أن يكون الجلوس عليه والتوسد عليه مثله؛ بعلة أنه استعمال مثله؛ لأن الفرش والنمارق لا تستعمل إلا بالتوسد والجلوس والنوم عليه.
  ووجه إباحته للرجال: أنه ليس باستعمال في الحقيقة، بدلالة أن من جلس على فراش مغصوب لم يضمنه، ولو لبس ثوباً مغصوباً أو ركب دابة مغصوبة ضمن(٤)، فإذا لم يكن ذلك استعمالاً لم يجب أن يحرم، كما لا يحرم نقله وبيعه وشراؤه وسائر وجوه التصرف فيه. والأقوى ما قدمناه، والله أعلم.
(١) هي للسرج بمنزلة الميثرة من الرحل. (نهاية ٣/ ٣٧).
(٢) أخرج نحوه البيهقي في شعب الإيمان (٨/ ١٩٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ١٥٠، ١٥١) والطحاوي (٤/ ٢٤٩).
(٤) في (أ، ج): يضمن.