باب القول فيما يلزم الإمام للأمة ويلزمهم له
  ويلزمه أن يعين أهل المسكنة والفقر كما يلزم غيره، ثم بما في يده من حقوق الله تعالى التي يجب صرفها إليهم؛ ولأنه القيم بأمور المسلمين.
  قال: ولا يحتجب عنهم، ويتفقد أحوالهم، ولا يتجبر عليهم(١).
  ويترك الحجاب لئلا يغتم المسلمون، ولئلا يعرض في أمورهم خلل، وليتمكنوا من إنهاء حوائجهم، ومن تعريفه ما عساه يخفى عليه من أحوالهم التي يلزمه القيام بها وتدبيرها(٢).
  روى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «أيما وال احتجب من حوائج الناس احتجب الله منه يوم القيامة»(٣).
  ومعناه أنه يحجب(٤) نظره ورحمته.
  وليس المراد بذلك ألا يخلو بنفسه وأهله [ومآربه في بعض الأوقات، فقد كان النبي ÷ يخلو بنفسه وأهله](٥) ويقضي أوطاره، قال الله تعالى: {لَا تَدْخُلُواْ بِيُوتَ اَ۬لنَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُّؤْذَنَ لَكُمْ} ... إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِۦ مِنَ اَ۬لْحَقِّۖ}[الأحزاب: ٥٣]، وقال: {إِنَّ اَ۬لذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَّرَآءِ اِ۬لْحُجُرَٰتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَۖ ٤}[الحجرات]، فدل ذلك على أنه كان يخلو بنفسه وأهله في كثير من الأوقات، وكذلك كانت الأئمة من بعده؛ إذ هم بشر كسائر الناس لا بد لهم مما ذكرنا، وإنما الحجاب المذموم أن يتشبهوا بالفراعنة من ظلمة الملوك في ذلك.
  وقلنا: يتفقد أحوالهم ولا يتجبر عليهم لأنه منصوب لمصالحهم، والتجبر على الناس حرام عليه وعلى غيره.
(١) الأحكام (٢/ ٣٧٤).
(٢) في (ب، د): وبتدبيرها، وفي (هـ): وتدبرها.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٤٤).
(٤) في (ب، د، هـ): يحتجب منه.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).