شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التيمم

صفحة 341 - الجزء 1

  وليس يعترض عليه بجواز فعل الفاقد إن تيمم وصلى به صلاة واحدة ثم عدمه للثانية؛ لأن ذلك مخصوص بالإجماع⁣(⁣١)، وما عداه باق على العموم.

  والذي يدل على ذلك أيضاً: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا أبو أحمد الأنماطي ومحمد بن إبراهيم بن إسحاق الدهان، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني، قال: حدثنا عبدالرزاق، عن الحسن بن عُمَارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «من السنة ألا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى»⁣(⁣٢).

  فقول ابن عباس: «من السنة» إضافة له إلى النبي ÷، فهو كالنص عنه #.

  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا هُشَيْم، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي # أنه قال: (تيمم لكل صلاة)⁣(⁣٣).

  ويدل على ذلك: أنا قد بينا فيما تقدم أن التيمم لا يجوز أن يفعل إلا في آخر وقت الصلاة، فلو جوزنا أن يصلى العصر بتيمم قد فعل قبل آخر وقته فذلك مما دللنا على فساده.

  ويدل على ذلك أيضاً: أنه لا خلاف في أن المستحاضة لا تصلي الصلوات كلها بطهارة واحدة، فكذا المتيمم، والمعنى أنها طهارة مفعولة على سبيل الضرورة، وإذا ثبت ذلك فلا قول بعده إلا قول من يقول: إنه لا يصلى بتيمم واحد إلا صلاة واحدة من المكتوبات.

  وليس لهم أن يعللوا بعلتنا هذه ويردوها إلى أصلنا هذا فيقولوا: لما اتفقنا


(١) يعني: أنه إذا عدم التراب للثانية صلى على حاله التي هو عليها، ولا يقال: إنه صلى بالتيمم الأول الذي وقع للصلاة الأولى، وظاهره أن الإجماع خص ذلك. (من هامش ب).

(٢) مصنف عبدالرزاق (١/ ٢١٥).

(٣) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٤٧) ولفظه: يتيمم ... إلخ.