شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الغنائم وقسمتها

صفحة 577 - الجزء 6

  الفارس؛ لأن الفرس لا يستحق شيئاً، فالمراد إذاً الفارس.

  فإن قيل: روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي ÷ أسهم يوم خيبر للفرس سهمين، وللفارس سهماً، وللراجل سهماً.

  وروي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قسم رسول الله ÷ يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهماً.

  قيل له: عندنا أن التنفيل بعد إحراز الغنيمة جائز، وبه قال الشافعي أيضاً، وقد مضى الكلام فيه، فإذا ثبت ذلك فلا يمتنع أن يكون ÷ نفل بعض الفرسان في بعض المواضع سهماً زائداً على الاستحقاق، فقسم له ثلاثة أسهم على سبيل التنفيل، ولا يجوز أن يبخسه ما يستحقه فيرده إلى سهمين مع استحقاقه ثلاثة أسهم؛ لأن البخس غير جائز، والزيادة جائزة، فكان ما قلناه أولى في استعمال الخبرين.

  ويدل على ذلك قوله ø: {۞وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَےْءٖ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ ...} الآية [الأنفال: ٤١]، فأعلمنا تعالى أنا لأشياء غانمون، فيجب أن نستوي فيه، وأوجب العموم أن⁣(⁣١) الفارس والرجال فيه سواء، إلا أنا زدنا الفارس سهماً واحداً للإجماع، وبقي الباقي على موجب حق العموم.

  ويدل على ذلك أيضاً أن الفرس لما كان⁣(⁣٢) آلة كان القياس ألا نجعل له سهماً بتة كسائر الآلات، وكما لا يسهم للبغل والحمار، إلا أنا تركنا القياس في السهم الزائد للإجماع والأثر، والباقي محمول على القياس.

  وأيضاً هو شخص له سهم من الغنيمة⁣(⁣٣)، فوجب ألا يزاد على السهم الواحد، دليله الرجل. ويقوى ذلك بأن يقال: عناء الرجل أكثر من عناء الفرس؛ لأن الرجل يقاتل بنفسه، والفرس لا تقاتل بنفسها، فلم يجب أن يكون سهمها أكثر من سهم


(١) في (أ، ج، هـ): وأن.

(٢) في (ب، د، هـ): كانت.

(٣) في (أ، ج): القسمة.