شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في النفاس

صفحة 383 - الجزء 1

  نفاساً؛ لأن ذلك ليس بطهر شرعي؛ إذ قد ثبت أن أقل الطهر عشر.

  وقول النبي ÷: «إلا أن ترى الطهر قبل ذلك» محمول على الطهر الشرعي؛ لأن ألفاظ النبي ÷ يجب أن تحمل على ما يقتضيه الشرع، فإذا ثبت أن التي ترى النقاء دون العشر لا تكون رأت الطهر فيجب أن يكون حكمها حكم النفاس.

مسألة: [فيمن ولدت توأمين كان النفاس من مولد الأخير منهما]

  ولو أن امرأة ولدت توأمين كان النفاس من مولد الأخير منهما تخريجاً.

  وكان أبو العباس الحسني | يخرج ذلك على مذهب يحيى #؛ لأنه قال: لا يجتمع حبل وحيض، وقال في موضع آخر من الأحكام⁣(⁣١): والحيض والنفاس واحد في المعنى.

  واستدل على ذلك بما أخبرنا به أبو العباس الحسني |، قال: أخبرنا ابن أبي حاتم، قال: حدثني الحسن بن عرفة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن هشام الدَّسْتُوَائِي، عن يحيى بن أبي كَثِير، عن أبي سلمة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: بينا أنا ورسول الله ÷ في الخميلة⁣(⁣٢) إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضي، فقال رسول الله ÷: «أنفست»؟ قلت: نعم، فدعاني إليه إلى الخميلة.

  فإذا ثبت أن الحيض والنفاس في المعنى واحد، وثبت أن الحيض لا يجامع الحبل ثبت أن النفاس لا يجامعه، وإذا ثبت ذلك وولدت المرأة وبقي في الرحم آخر فالمرأة حامل بعد، وإذا كانت حاملاً لم يكن ذلك منها نفاساً كما لا حيض، فوجب بهذا أن يكون النفاس من مولد المولود الأخير.


(١) الأحكام (١/ ٦٣).

(٢) قيل: الخميلة القطيفة، وقيل: الطنفسة. وقال الخليل: الخميلة: ثوب له خمل، أي: هذب. (فتح الباري).