باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، عن ابن مرزوق، قال: حدثنا معاذ بن فضالة، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب #، فذكر بإسناده مثله(١).
  فإن قيل: فقد روى أبو ذر أن النبي ÷ قال: «لا يقطع الصلاة شيء إذا كان بين يديك كآخرة(٢) الرحل» وقال: «يقطع الصلاة المرأة والكلب الأسود والحمار»(٣).
  قيل له: هذا يجب أن يكون منسوخاً بما رويناه عن النبي ÷؛ ألا ترى إلى قوله: «رأيت الذي رأيتم، وليس يقطع صلاة المسلم شيء»؟ ومن المعلوم أنه لم يقل لهم ذلك إلا وقد علم أنهم اعتقدوا في هذه الأشياء أنها تقطع الصلاة؛ لأنه ÷ بعيد أن يعرفهم ما لا يقطع الصلاة؛ لأنه أكثر من أن يحصى، فلم يشر إلى ما أشار إليه # إلا والحال ما ذكرنا، ولا يجوز أن يكونوا اعتقدوا شيئاً معقولاً إلا والشرع(٤) قرع أسماعهم، إذ لا مسرح للعقل في ذلك، فثبت بما بينا أن خبرهم متقدم وخبرنا متأخر.
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن زيد بن أسلم، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، أن رسول الله ÷ قال: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعن أحداً يمر بين يديه، وليدرأه(٥) ما استطاع، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو
(١) يعني روى محمد بن عمر عن عباس بن عبيد الله بن عباس مثل الحديث الأول. (من هامش أ، ج).
(*) شرح معاني الآثار (١/ ٤٦٠) وفيه: فذكر بإسناده نحوه.
(٢) في (ب، ج): حاجزة.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٥٨).
(٤) في (أ، ب، ج): إلا لشرع.
(٥) في المخطوطات: وليدرأ. والمثبت من شرح معاني الآثار.