باب القول في صلاة السفر والخوف
  وهذا إذا حصل في وطنه يكون حاضراً غير مسافر.
  ويدل عليه أيضاً: ما روي عن محمد بن علي وعن عائشة قالا: (فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر ركعتان).
  وروي عن عمران بن حصين ما قدمناه من قوله: ما سافر رسول الله ÷ إلا صلى ركعتين حتى يرجع إلى أهله.
  فبين أن الرجوع إلى الأهل ينقطع معه القصر.
  وقلنا: إنه إن انتقل من مدينته واستوطن غيرها فإنه لا يتم إذا رجع إليها مجتازاً ما لم ينو مقام عشر لما روي أن النبي ÷ أقام بمكة أياماً يقصر الصلاة، فإذا فرغ منها قال: «قوموا يا أهل مكة فصلوا ركعتين، فإنا قوم سفر».
  وقد كانت مكةُ من قبل وطنَه ÷؛ ولكنه لما انتقل عنها واستوطن المدينة صلى فيها صلاة المسافر. وهي قياس سائر البلدان بعلة أنه مصل فيها وهو غير مستوطن لها، فيجب أن يكون حاله إذا دخلها كحاله إذا دخل غيرها من سائر البلدان في القصر والإتمام.
مسألة: [في المسافر إذا عزم على الإقامة وهو في الصلاة ثم لو عزم على السفر بعد ذلك]
  قال: ولو أن مسافراً دخل في الصلاة ثم عزم على الإقامة أتمها، ثم لو عزم بعد ذلك على السفر لم يجز له قصرها.
  وهذا تخريج من قوله في الأحكام(١): «إذا عزم المسافر على سفر بريد قصر حين يخرج من منزله وتتوارى عنه بيوت أهله، وإذا نوى المسافر المقام في بعض ما يمر به من البلاد عشراً أتم»؛ فعلق القصر بالمسير مع العزم، وعلق الإتمام بالعزم فقط.
(١) الأحكام (١/ ١٢٦).