شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حمل الميت والصلاة عليه

صفحة 728 - الجزء 1

  وقلنا ذلك لما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ في رجل توفيت امرأته فيصلى عليها؟ قال: (لا، عصبتها أولى بها)⁣(⁣١) فدل ذلك على أن العصبة أولى من السلطان؛ لأنه قال: (عصبتها أولى) فأطلق القول ولم يقل: بعد السلطان.

  وقال زيد بن علي #: كانت تحت أبي امرأة من بني سليم، فماتت، فاستأذن عصبتها في الصلاة عليها، فقالوا: صل رحمك الله⁣(⁣٢).

  ولأنه أمر يخص ولا يعم فوجب أن يكون الولي المناسب أولى به من السلطان⁣(⁣٣)، كالنكاح والقصاص. ولا خلاف أن الولي أولى بالصلاة عليه من كل أجنبي ليس بسلطان ولا إمام الحي، فوجب أن يكون أولى من السلطان ومن إمام الحي؛ لأنه ولي مناسب.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا يؤم رجل رجلاً في سلطانه إلا بإذنه»⁣(⁣٤).

  قيل له: ذلك غير صلاة الجنازة؛ بدلالة ما قدمناه.

  فإن قيل: روي أن الحسين # قدم سعيد بن العاص في الصلاة على الحسن # وقال: (لولا السنة ما قدمتك)⁣(⁣٥).

  قيل له: إن صح الخبر فليس يمتنع أن يكون أراد به قطع الفتنة، وذلك أن الحسن # كان أوصى ألا يراق بعده بسببه دم محجمة، فيكون المراد بقوله: (لولا السنة) في إمضاء الوصية بترك ما يثير الفتنة، سيما وقد روي أن الحسين # كان لعن سعيد بن العاص، ولا يجوز أن يقدم من يستحق اللعن عنده إلا على طريق الاضطرار.


(١) مجموع الإمام زيد # (١٢٣).

(٢) مجموع الإمام زيد # (١٢٣).

(٣) في (د) ونسخة في (ج): الوالي.

(٤) أخرجه مسلم (١/ ٤٦٥) والترمذي (١/ ٣١٣).

(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ١٨٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٤٦).