شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الزكاة

صفحة 28 - الجزء 2

  فإن قيل: إن النبي ÷ أخذ العشر من أرض العرب ولم يوجب فيها خراجاً، فصار ذلك أصلاً في انتفاء اجتماعهما.

  قيل له: هذا يوجب أن أرض العشر لا خراج عليها، ولا يوجب أن أرض الخراج لا عشر في غلتها، فإذاً دليلكم لم يتناول موضع الخلاف، وإنما يتناول موضع الوفاق.

  فإن قيل: إن النبي ÷ أسقط نصف العشر لمؤنة الدوالي، فيجب أن يسقط النصف الباقي لمؤنة الخراج.

  قيل له: ليس كل مؤنة تلزم الأرض تسقط العشر أو شيئاً منه، فلا يجب ما قالوه. على أن ذلك لو كان على ما قالوا لوجب أن يكون الخراج يسقط نصف العشر، كما أسقطت مؤنة الدوالي نصف العشر، فكان يجب أن يؤخذ من أرض الخراج نصف العشر، وهذا فاسد.

  ومما يدل على ذلك من طريق النظر أن أرض الخارج مقيسة على أرض العشر؛ والعلة أنها ملك المسلم⁣(⁣١)، فوجب أن يكون العشر في غلتها واجباً كوجوبه في غلة أرض العشر.

  ويبين صحة هذه العلة أن أرض العشر إذا ملكها الذمي لم يلزمه العشر في غلتها، فبان أن تعلق حكم العشر هو بتملك المسلم لها.

  ويمكن أن تقاس غلة أرض الخراج على غلة أرض العشر في إيجاب العشر، وكذلك يمكن أن يقاس مالك أرض الخراج على مالك أرض العشر في إيجاب العشر فيما تخرجه أرضه.

  فإن قيل: السائمة إذا كانت للتجارة لم يجتمع فيها زكاة السوم وزكاة التجارة، فكذلك أرض الخراج يجب ألا يجتمع فيها الخراج والعشر قياساً عليها، والمعنى


(١) في (د): لمسلم.