باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض
  الأرض يجب أن يكون نصاباً إذا كانت قيمته تبلغ في السنة مائتي درهم.
  والدليل على ذلك: ما أجمعنا عليه من أن أموال التجارة تجب فيها الزكاة إذا كانت قيمتها مائتي درهم، فكذلك ما اختلفنا فيه؛ والعلة أنه مزكى لا نصاب له في نفسه، فيجب أن يكون الرجوع إلى ما ذكرنا.
  والمخالف في هذا الموضع هو أبو يوسف ومحمد.
  فأما أبو يوسف فإنه قال: يعتبر فيما لا يكال أن تكون قيمته خمسة أوسق من أدنى ما يكال، قال: لأن النبي ÷ لما أوجب الصدقة في خمسة أوسق من أدنى ما تخرجه الأرض قلنا: إن ما لا وسق له إذا بلغت قيمته هذه القيمة يجب أن يزكى.
  وهذا الاعتبار لا معنى له؛ لأنه منتقض بأوسط ما تخرجه الأرض وأعلاه؛ لأن قيمة كل واحد منهما تبلغ قيمة خمسة أوسق من أدنى ما تخرجه الأرض ثم لا تلزم فيه الصدقة؛ ولأن الغرض بالتقويم هو اعتبار النصاب، فإذا قوم وكان للمقوم به نصاب فلا وجه لاعتبار قيمة شيء آخر؛ إذ لا غرض فيه، على أنه قد ترك هذا الاعتبار في العسل، فقال: تجب الصدقة إذا بلغ عشرة أرطال.
  وأما محمد بن الحسن فإنه قال: يجب فيما لا يكال أن يعتبر بخمسة أمثال أعلى ما يقدر به ذلك الشيء غالباً، فقال: في الزعفران والورس حتى يبلغ خمسة أمناء، وفي القطن حتى يبلغ خمسة أحمال، قال: والحمل ثلاثمائة منا بالبغدادي، وفي العسل حتى يبلغ خمسة أفراق.
  وهذا الاعتبار لا يصح؛ لأن أحوال البلدان تختلف في هذه التقديرات؛ ولأنه ليس له أصل يرد إليه.
  وما اخترناه أصح ما(١) قيل فيه؛ لأن له أصلاً في الشريعة، وهو أموال
(١) في (أ، ب، د): لما.