باب القول فيما يؤخذ من أهل الذمة
باب القول فيما يؤخذ من أهل الذمة
  يؤخذ من تجار أهل الذمة نصف عشر ما يأتون به من أموالهم ويتجرون فيه على المسلمين في أرض الإسلام، إذا أتوا من بلد شاسع إلى بلد شاسع، فأما من اتجر منهم في مصره فلا يؤخذ منه شيء سوى الجزية.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١).
  قال الهادي إلى الحق #: وعلى ذلك وقعت المصالحة.
  والأصل في ذلك: ما روي عن أنس أن عمر جعل بمشورة أصحاب رسول الله ÷ على أهل الذمة نصف العشر، وعلى أهل الشرك ممن لا ذمة له - يعني المستأمنين من أهل الحرب - العشر. ومعلوم أن المراد به إذا اتجروا وسافروا؛ إذ لا يقول أحد: إنه يؤخذ منهم شيء سوى الجزية إذا كانوا في بيوتهم.
  فإن قيل: كيف احتججتم بعمر واتباعه عندكم غير واجب، بل لا توجبون اتباع أحد من الصحابة غير علي #؟
  قيل له: لأن ما فعله عمر على الوجه الذي فعل لا يكون ذلك قوله وحده، بل يكون ذلك إجماع الصحابة؛ ألا ترى أن يحيى # احتج في باب الرجم بأن قال: وقد رجم عمر وهو في وفارة أصحاب رسول الله ÷. على أن واحداً من الصحابة إذا قال قولاً ولم يحفظ خلافه عن أحد منهم كان ذلك كالمتفق عليه.
  على أنه قد روي في ذلك ما يدل على أن القوم لم يصدروا فيه إلا عن السنة، وهو ما رواه محمد بن منصور، عن محمد بن جميل، عن أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن جده أبي أبيه، عن أبيه، قال: قال رسول الله ÷: «ليس على المسلمين عشور، إنما(٢) العشور على اليهود والنصارى»، وقد علمنا أنه لم يرد به عشور الزرع؛ إذ لا خلاف في وجوبها على المسلمين، وليس العشور
(١) الأحكام (١/ ١٥١) والمنتخب (٩٩).
(٢) في (أ، ب، ج): وإنما.