شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في قسمة الخمس وفي الذين يوضع فيهم

صفحة 211 - الجزء 2

  الكل من العلماء جعلوا لهذا السهم - وهو السهم الذي قال الله تعالى: {وَفِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ} - وجهاً ومزية، ولم يجعلوه وصلاً للكلام، ولم يخلوه من فائدة، فوجب أن يكون ذلك حكم السهم الذي نسبه الله تعالى إلى نفسه من جملة سهام الخمس؛ لأنا لو قلنا غير ذلك كنا قد أخرجنا قوله: {فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُۥ} من أن يكون له فائدة في الحكم، كما أنا لو لم نجعل لسهم السبيل من سهام الصدقات حكماً يختص به كنا قد أخرجنا قوله: {وَفِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ} من أن يكون له فائدة في الحكم، وأقوال الله تعالى ما أمكن حملها على الفوائد المحددة⁣(⁣١) في الأحكام لا يجوز حملها على التكرير أو على ما في العقول، وإذا ثبت أن هذا السهم يجب أن يكون له حكم يختصه بما بيناه فأولى مصارفه وجوه القرب مما ذكرناها وغيرها مما يراه الإمام صلاحاً.

  وقلنا: إن سهم النبي ÷ يقوم الإمام فيه مقامه لأنه ينوب منابه في النهوض بأعباء الدين، وتحمل المؤن في مصالح المسلمين، فيجب أن يكون سهم النبي ÷ مصروفاً إليه؛ للعلة التي قلناها، على أن هذا السهم لا يخلو من أن يكون قد أسقط أو جعل للمسلمين أو للإمام خاصة، وكونه للإمام خاصاً أولى؛ لأنه واحد من المسلمين، وله مزية قيامه مقام النبي ÷ ونيابته منابه، وهذا كما ثبت في الميراث أن سبيل ما يؤخذ منه ولا وارث للميت أن يكون للمسلمين، فإذا وجد أحد من ذوي الأرحام قلنا: إنه أولى به؛ لأنه شارك المسلمين في الإسلام، وحصلت له مزية القربى، فكذلك الإمام في سهم الرسول ÷.

  فإن قيل: لم يرو عن علي # ولا غيره من الأئمة $ أن واحداً منهم أخذ سهم النبي ÷ واستبد به لنفسه، فدل ذلك على فساد ما قلتم.


(١) في (أ): المحدودة.