شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في قسمة الخمس وفي الذين يوضع فيهم

صفحة 223 - الجزء 2

  وأيضاً لما خص النبي ÷ بسهم من الخمس، وخص أهل بيته بسهم، قلنا: إن يتاماهم ومساكينهم وابن سبيلهم أولى بالباقي منه؛ لأن موضوعه موضوع التشريف للنبي ÷.

  وذكر يحيى بن الحسين عن علي بن الحسين $ أنه قال في قوله تعالى: {۞وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَےْءٖ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُۥ ...} الآية [الأنفال: ٤١]: هم يتامانا ومساكيننا وابن سبيلنا.

  وليس يظهر من مذهبه أن هذا على التحريم على غيرهم من اليتامى والمساكين وابن السبيل، والأقرب عندي أنه على الاستحباب وتحري الصلاح في ذلك.

  ورأى تقديم يتامى المهاجرين ومساكينهم وابن السبيل منهم بعد من ذكرنا لأنهم أقرب إلى الرسول ÷، ولأن عناءهم كان أعظم، وهم كانوا المقدمين، وموضوع الغنائم أن للعناء فيه تأثيراً، ولذلك جاز للإمام أن ينفل، وجاز له أن يجعل سلب القتيل لقاتله.

  ورأى بعد هؤلاء تقديم أيتام الأنصار ومساكينهم وابن سبيلهم لأن الأنصار يلون المهاجرين في جميع ما ذكرنا.

  قال يحيى بن الحسين $: والآية قد نبهت على ذلك حيث يقول تعالى بعد قوله: {كَےْ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيْنَ اَ۬لْأَغْنِيَآءِ مِنكُمْۖ}: {لِلْفُقَرَآءِ اِ۬لْمُهَٰجِرِينَ اَ۬لذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ وَأَمْوَٰلِهِمْ}، ثم قال: {وَالذِينَ تَبَوَّءُو اُ۬لدَّارَ وَالْإِيمَٰنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}، فكان قوله تعالى: {لِلْفُقَرَآءِ اِ۬لْمُهَٰجِرِينَ} تفسيراً لقوله: {وَالْيَتَٰمَيٰ وَالْمَسَٰكِينِ وَابْنِ اِ۬لسَّبِيلِ}، بعد قوله تعالى: {مَّا أَفَآءَ اَ۬للَّهُ عَلَيٰ رَسُولِهِۦ مِنْ أَهْلِ اِ۬لْقُرَيٰ فَلِلهِ وَلِلرَّسُولِ}، وكل ذلك عندي وفيما أراه قاله يحيى بن الحسين على طريق الاستحباب والأولى، والله أعلم.