باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية
  الواجب فيه هو القضاء والاستغفار.
  فإن قيل: ليس في الخبر أنه أفطر متعمداً.
  قيل له: قوله ÷: «استغفر» يدل على أنه كان متعمداً؛ لأن الاستغفار لا يجب إلا من العمد، فأما الخطأ والسهو فيكفي فيه القضاء بالإجماع.
  فإن قيل: فقد أمره بالصدقة، وأنتم لا توجبونها.
  قيل له: الخبر يقتضي وجوب ما يسمى صدقة من قليل أو كثير، وقد أجمع الجميع أن ذلك غير واجب، فوجب أن يكون استحباباً، وهذا مثل ما روي أن رجلاً أتى النبي ÷ فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة ففعلت بها كل شيء إلا أني لم أجامعها، فقال له: «توضأ وصل ...» إلى آخر الحديث، فلم تكن الصلاة من موجب ما فعل، وإنما كان حثاً على الخير والطاعة.
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ في إيجاب الكفارة أخبار كثيرة، منها:
  حديث أبي هريرة أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره النبي ÷ أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً. فقال: لا أجد، فأتى رسول الله ÷ بعرق فيه تمر فقال: «خذ هذا فتصدق به». فقال: يا رسول الله، إني لا أجد أحداً أحوج مني إليه، فضحك رسول الله ÷ حتى بدت أنيابه، فقال: «كله»(١).
  وروي أيضاً عن أبي هريرة أنه قال: بينا نحن عند رسول الله ÷ إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت؟ فقال: «ويلك ما لك»؟ قال: وقعت على أهلي وأنا صائم في رمضان. فقال النبي ÷: «هل تجد رقبة تعتقها»؟ قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين»؟ قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً»؟ قال: لا. قال: فسكت رسول الله ÷
(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٨٢).